فسرت تقارير أميركية تصاعد التصريحات الاستفزازية الإيرانية بحالة العجز التام التي تسود دوائر اتخاذ القرار في طهران تحت وقع عاملين. العامل الأول هو الآثار المتزايدة لقرارات العقوبات الدولية التي طبقت ضد إيران حتى الآن، والآخر هو الخلافات الشديدة بين القيادات حول الصلاحيات ودوائر النفوذ.
وقالت الناطقة بلسان الخارجية الأميركية فيكتوريا نيولاند إن تصريحات طهران "تتسق مع تضييق الخناق الاقتصادي عليها. ونرى أن بحث الاتحاد الأوروبي لفرض حظر نفطي على إيران أنباء جيدة. ونعتقد أن ما يمكن أن يجلب حقا انتباه الإيرانيين هو القطاع النفطي".
ويعتقد خبراء الشؤون الإيرانية في واشنطن أن الولايات المتحدة لا ترمي لإشعال حرب جديدة في المنطقة، وإن كانت مستعدة لمواجهة أي مغامرة إيرانية بقدر كبير من الحزم. ويوضح الخبراء أن الهدف هو حمل إيران على القبول بإخضاع برنامجها النووي لرقابة دولية.
وقال المستشار السابق للرئيس الأميركي بروس ريدل "لا تهدف الولايات المتحدة لشن الحرب. بل على العكس تماما نحن نعارض بصورة معلنة وغير معلنة قيام إسرائيل أو أي طرف آخر بتوجيه ضربة عسكرية منفردة إلى إيران. وأوضحنا مرارا أن العقوبات هي البديل للحرب".
وعلى الرغم من ذلك فإن تقارير واشنطن تفيد بأن الشارع الإيراني يتهيأ لاحتمال نشوب الحرب. وقام الإيرانيون بتخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية وسط شعور عام بأن شيئا قد يحدث. وأدى انخفاض سعر صرف العملة الإيرانية بمقدار الثلث في الآونة الأخيرة لارتفاع حاد في أسعار السلع المستوردة.
ويساهم في ارتفاع الأسعار، معدل التضخم الذي لا يتوقف عن الارتفاع بعد برنامج الرئيس محمود أحمدي نجاد بتوزيع نحو 40 دولارا على كل عائلة مقابل إلغاء الدعم على المحروقات، ما أدى لزيادة مفتعلة في السيولة وأسهم في رفع الأسعار على نحو ملموس. كما تجري المصارف الإيرانية الآن مفاوضات مع نظيرتها الروسية لتدبير قناة لتحويل مدفوعات الهند مقابل النفط الإيراني، إلى طهران دون المرور بالقنوات المالية التي تسعى واشنطن إلى إغلاقها.
في المقابل أعلنت إيران أمس عزمها إجراء مناورات بحرية جديدة في مضيق هرمز الشهر المقبل. وقال قائد البحرية بالحرس الثوري الإيراني الأميرال علي فدوي إن هذه المناورات ستركز مباشرة على مضيق هرمز. وكانت إيران أجرت مناورات عشرة أيام وانتهت الاثنين الماضي في المضيق الذي يعتبر الطريق الرئيس لتصدير نفط الشرق الأوسط. وأضاف فدوي "اليوم تسيطر إيران بشكل كامل على المنطقة وتتحكم في كامل الحركة فيها".
في غضون ذلك، أعلن دبلوماسيون أوروبيون أمس أن بدء سريان حظر واردات النفط الخام الإيراني قد يستغرق بضعة أشهر بسبب مطالبة بعض دول الاتحاد بالتأجيل لحماية اقتصاداتها. واتفقت دول الاتحاد من حيث المبدأ على حظر واردات الخام الإيراني في إطار الجهود الغربية لتكثيف الضغوط على طهران بسبب برنامجها النووي، ويجري حاليا بحث تفاصيل فرض الحظر في بروكسل بهدف اتخاذ قرار نهائي بحلول نهاية الشهر.
لكن عواصم أوروبية اقترحت ما أطلقت عليه "فترة سماح" للعقود القائمة تتراوح بين شهر و12 شهرا، فيما تطالب الدول الأكثر اعتمادا على الخام الإيراني بوقت أطول.
كما أعلنت كوريا الجنوبية أمس أنها ستطلب إعفاءها من العقوبات الأميركية الجديدة التي تستهدف تقليص صادرات النفط الإيراني. وقال مسؤول كوري جنوبي أمس إن "ذلك يسبب لنا قلقا كبيرا، لأن إيران أحد كبار مصدري النفط لكوريا الجنوبية. وأضاف "لا يمكن ان نفرط بهذه الكمية الكبيرة من النفط، ومن الضروري أن نحصل على إعفاء لدى تطبيق العقوبات".
وأيضا أعربت اليابان عن مخاوفها من عدم توفير احتياجاتها النفطية بسهولة إذا فرض حظر على النفط الإيراني. وقالت أمس إنها تبحث حاليا عن بدائل مع منتجين آخرين لتوفير احتياجاتها النفطية.