يُبرهن الدكتور محمد إبراهيم السعيدي، وهو يُجيز، بلغة لا تقبل الجدل، انتهاك حرمة وقدسية مواطن، بالجواز لشلة الفوضى أن تقتحم منزله، يُبرهن أننا ندفن عصر الورع والتقوى وعصر مسؤولية الكلمة. نحن ندفن بتصريحه الذي طارت به الركبان زمن ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين عندما كان هؤلاء العلماء الربانيون يعرفون تماماً حدود انفجار الكلمة. الكلمة من رجل الدين بالتحديد لا مجال فيها للاستهزاء والسخرية، والكلمة حول الدين ومن رجل الدين، تختلف تماماً عن الكتابة الساخرة، وتختلف تماماً عن مضاحك المشهد في منثورات شارلي شابلن وإريفين وست. وحتى في أكثر المجتمعات انحلالاً وتفسخاً، وحتى في قلب المجتمعات التي تفرض الاختلاط بالدستور، وحتى في قلب المدن والبرلمانات والجامعات التي تحظر الحجاب، وحتى في الدول التي تحاصر النقاب، ظلت لأعراض الناس وبيوتهم قداسة وحرمة يُعاقب على انتهاكها بالقانون، وبالمحكمة والغرامة والسجن، وإذا بالسعيدي يدعو مواطناً هنا إلى: (أن يتقي الله وأن لا يمنع هؤلاء من حلال مباح فهذه ليست بأخلاق عالم أو داعية).

هم أربعة في حادثة الاعتداء بحر الأمس، وسيتلوهم أربعة بأربعة مادام هذا التصريح، الوكر، يستبيح مثل هذه البلطجة وهو الذي يعلم تماماً أن خليفة المسلمين ذات يوم أنّب نفسه على اقتحام بيت يشرب أهله الخمر لأنه منع المعصية بارتكاب ما لا يجوز من انتهاك حدود منزل. والقصة أن الدكتور محمد السعيدي في موقع أكاديمي مسؤول عن تخريج كوادر القضاة، والقاضي مسؤول عن تطبيق القانون، وإذا كان سيأخذ تصريحه معه إلى قاعات الدراسة ليصبح منهجاً وطريقة استقراء فما الذي بقي للناس من حقوق يأخذونها إلى القضاء إذا كان أساتذة القضاء أو أحدهم، لا يرى اقتحام بيوت الناس ومحارمهم، مهما كان السبب، ومهما كان الاختلاف، جريمة تستحق العقاب والمساءلة. وإذا كانت آداب هذا الدين العظيم لا تسمح لمسلم أن يقتحم بيت كافر يؤمن بإباحة كل المحرمات، فهل يفتينا السعيدي اليوم أن نقتحم كل بيوت المخالفين لرؤيته وأن ندخل بيوت من يدلنا عليهم ونمتنع عن البيوت التي يمنعنا منها!!!