قبل ساعات من نشر مقالي هنا الأسبوع الماضي بعثت رسالة قصيرة إلى الزميل الأستاذ محمد الدعفيس أطلب منه إضافة الجملة التالية كسطر أخير أختم به المقال "توقع خاص: إسبانيا / هولندا"!، لكن الصفحة كانت قد أرسلت إلى المطبعة على ما يبدو.

كان هذا قبل مباراتي نصف نهائي المونديال وقبل اليوم الأخير من نزالي ثمن النهائي.

لستُ عرافاً ولا ضارب رمل، ولا أستعرض قدراتي التنبؤية، ولا أنافس الأخطبوط "بول" الذي بقي من عمره شهور معدودة!.. فقط كنت منحازاً لظهور بطل جديد في ظل المستويات الرائعة والمتصاعدة للفرق التي تأتي غالباً في الصف الثاني في ترشيحات المحللين الكرويين.

كرة القدم تعترف بالجهد والكد والعرق والبذل وإحكام الخطط المختلفة في الميدان حين يضعها مدربون يعرفون جيداً إمكانات لاعبيهم وقادرون في نفس الوقت على تغيير استراتيجياتهم وخططهم أثناء النزال بناء على ما يطرأ في المباراة من ظروف وتغيرات ومفاجآت.

بالنسبة لي كمتابع محب لكرة القدم وعاشق لجنونها الساحر وفنها الخالص، استبعدتُ منتخب ألمانيا من الوصول إلى النهائي حتى وهو يفوز بالأربعة تباعاً على منتخبين عريقين (إنجلترا والأرجنتين) كانا في مطلع قائمة مرشحي الصف الأول لنيل الكأس الأهم والأغلى والأكبر، وقلت للزملاء بعد الفوز المربع الساحق النظيف لفرقة لوف على فرقة ميسي إن المغامرة الألمانية ستنتهي مساء الأربعاء على يد الإسبان والذين قال عنهم المدرب الألماني إن لديهم أكثر من ميسي، وهو، أيْ لوف لم يكن يقصد ما شرحه معلق الجزيرة علي الكعبي أنهم متأثرون بميسي لوجود الأخير في الدوري الإسباني وأنهم حتماً متأثرون به لانعكاس فنه ومهارته وعبقريته عليهم! هذه قراءة سطحية من الكعبي إذ حتماً لم يكن المدرب الأ‍لماني يقصد هذا، بل كان يوحي إلى ما هو أعمق وهو يشير بتعليقه ذاك إلى كرة جماعية متناغمة وباذخة الانسجام يبدعها منتخب إسبانيا لأنه ليس كالأرجنتين منتخب النجم الواحد واللاعب الفريد منذ مارادونا إلى ميسي، ولهذا السبب انتصرت ألمانيا على الأرجنتين ولأن فرقة التانجو أيضاً كانت تلعب هذا المونديال دون مدرب.

وشخصياً أحب الفوز الصعب الذي يحدث بعد قتال مرير وندية وتكافؤ وبفارق هدف.. هنا يصبح للانتصار معنى أما الذين يحققون النتائج الكبيرة فليست مقياساً للأفضلية كما فعلت ألمانيا حين خدعت الجميع ببريق الأربعات،! لكن إسبانيا كانت أجمل وظهرت الأندلس في تلك الليلة أنيقة وأكثر خفة ورشاقة كرة ممتعة وسهلة إنها سوناتا أخرى ولكن على العشب الأخضر هذه المرة. وكنت أرسلت إلى الزملاء بعد النزال كيف لا تكون الكرة الإسبانية بذلك الجمال العظيم والفن والمتعة الخالصة وتدير الكرة هناك امرأة؟!.. وبمناسبة مديري الكرة والأجهزة الإدارية للمنتخبات ورؤساء بعثات المنتخبات العالمية تحديداً أي غير العربية المشاركة في المونديال الأخير وكل المونديالات السابقة، أريد أن أسأل هل كل المتابعين هنا يعرفون أحدا منهم سواء بالاسم أو الشكل أو الهيئة؟ أنا لا أعرفهم لأنني لم أشاهد أحداً منهم يتنطط هنا وهناك كي ينافس اللاعبين والمدربين في الظهور سواء في الفوز أو الخسارة ولم نر واحداً منهم بعد انتصار فريقه يرجع النصر إلى دعم حكومته كما لم نبصر الآخر يحمل الهزيمة للاعبين أو المدرب أو الحكم!! بل إن كثيرين، وأنا أولهم، لا يعرفون رئيس الاتحاد الهولندي أو الإسباني أو الألماني لكرة القدم!!