لم تمنعه ظروفه الصحية من تقديم رؤيته حول المشهد الثقافي، حيث يرى أديب أسرة الوادي المبارك، والراصد لحراكها الثقافي في كتابه "أسرة الوادي المبارك" الدكتور محمد العيد الخطراوي الذي يعيش فترة نقاهة هذه الأيام في مستشفى الدار العام بالمدينة المنورة أن منطقة جازان تتميز عن بقية مناطق المملكة بأنها تعيش حالة "انبعاث ثقافي" مستمر يؤكد تميز أدبائها وشعرائها وقاصيها المعاصرين امتدادا لمن ذهب قبلهم من مثقفين وأدباء أمثال محمد أحمد العقيلي ومحمد السنوسي.
رئيس نادي القصيم الدكتور حمد السويلم يؤيد ما ذهب إليه الخطراوي، إلا أنه يقصر هذا التميز على الشعر دون الرواية، فيما يخالفهما رئيس نادي الأحساء الدكتور ظافر الشهري فيما ذهبا إليه ويؤكد أنه لا يمكن تصنيف الإبداع لمنطقة دون الأخرى رغم تميز تجربة شعراء جازان.
الخطراوي وهو يبوح لـ"الوطن" عن عدد من القضايا الثقافية، قال: إن رأيه في تميز تجربة مبدعي جازان عن غيرهم لا يعني توقف أو ضعف مسيرة الأدب في المناطق الأخرى، أو ينتقص منها إلا أنه يراها في الحجاز على سبيل المثال قد خف وهجها قليلا عما كانت عليه في خمسينيات القرن المنصرم.
وألمح السويلم إلى أنه توصل عبر دراساته النقدية إلى قناعة خاصة تتمثل في أن شعراء جازان يمثلون نخبة تتكئ على الارتباط الوثيق بالبيئة، بينما شعراء القصيم على سبيل المثال ينتقلون إلى مناطق أخرى، لا تجعلهم يركزون على البيئة المكانية، بعكس ما يحصل لدى الشاعر الجازاني. فيما يرى أن الرواية لم تتضح معالمها بشكل جيد حتى الآن في منطقة جازان، بدلالة وجود تجارب شعرية حاولت خوض تجربة السرد، ولم توفق أوعلى أقل تقدير لم تكن مقنعة كما هي الحال مع الشعر.
وتابع السويلم الذي سبق أن قدم ورقة عن شعراء جازان أنه مقتنع تماما بمواهبهم وملكاتهم وتميزهم الإبداعي. وأضاف: من يطالع معجم شعراء جازان يرى كيف تهيمن عليه الكلمات التي تنتمي لطبيعة المنطقة الزراعية، ومظاهر الريف مما يؤكد أن هذا هو ما منح شاعر جازان التميز، إضافة إلى القدرات الجيدة كتجارب الشعراء: إبراهيم مفتاح وحسن الصلهبي، والأخير يملك قدرة كبيرة في توظيف الرموز، وكذلك تشكيل اللغة لدى الشاعر محمد إبراهيم يعقوب، وأحمد الحربي حيث يملك الأخير معجما شعريا مرتبطا بالبيئة.
ولفت إلى أنه سيكون لمنطقة جازان بالنظر إلى حجم الاشتغال الشعري فيها مستقبلا متفردا في المملكة، وأن منطقة الأحساء تقاربها في حالة الانبعاث الثقافي التي أشار إليها الدكتور محمد العيد الخطراوي.
من جهته، يرفض رئيس نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر عبدالله الشهري تصنيف الإبداع الشعري من قبيل أن هناك بيئة تتميز على أخرى، مشددا على أن الإبداع الشعري بشكل خاص لا يعرف حدود المكان والزمان، موضحا أنه قد تكون هناك بيئات توجد فيها مجموعة كبيرة من الشعراء كما هو في جازان فأصبح الشعر فيها أكثر حضورا من بيئة أخرى شعراؤها قلة.
وأضاف الشهري: عندما نشير إلى تميز تجربة جازان الشعرية على وجه الخصوص، فهذا لا يعني التقليل من حظوظ المناطق الأخرى، وإنما يعني أن منطقة جازان لها حضور منذ فترة مبكرة في الشعر والأدب بحكم وجود شعراء كبار منذ فترة سابقة على غيرها.