تناقلت وسائل الإعلام المحلية خلال الأسبوع المنصرم خبرا رسميا صادرا عن وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية عن "الاستعداد لتشكيل فرق متخصصة من منسوبي جمعيات المجتمع المدني ذات الطابع الفني والثقافي"، وذلك لإعادة بناء اللوائح الأساسية لهذه الجمعيات، كالجمعية السعودية للفنون التشكيلية، جمعية المسرحيين السعوديين..الخ.

وبالطبع لو قرأ هذا الخبر شخص من خارج المملكة له اهتمام ثقافي أو كان مهتما بوضع جمعيات المجتمع المدني أو حتى لو كان هذا القارئ من داخل المملكة، ولكنه ليس من المتابعين للساحة الثقافية، لتصور أن أعمار هذه الجمعيات تجاوزت العشرين عاما، وأنها عملت بهذه اللوائح لمدة لا تقل عن عشر سنوات، فاكتشفت سلبياتها وإيجابياتها، وبالتالي سعت مجالس إداراتها بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام إلى محاولة تصحيح الوضع وتلافي السلبيات. أما أهم ما سيدور في ذهن قارئ الخبر فهو أن لهذه الجمعيات دورا ملموسا في الحركة الثقافية المحلية، وأن أنشطتها لا تكاد تحصى، بل قد يبحث عن مقراتها الدائمة "التي تعتبر معالم حضارية بارزة" كما تصف وسائل الإعلام المحلية أي مبنى حكومي من دورين وملحق..!!.

لكن الحقيقة التي يعرفها جميع المتابعين أن معظم أن لم تكن كل هذه الجمعيات مجرد أسماء على ورق، انتهى دورها وضجيجها الإعلامي في اليوم الثاني لنشر خبر انتخاب مجالس إدارتها، وأن عمر بعضها لا يزيد عن سنتين، فقد تُركت مجالس إدارتها تستجدي الدعم المادي وتبحث عن مقار ولو في بدروم عمارة متهالكة، بل إن إحدى الجمعيات لم تجد ما تسكت به تساؤلات الإعلاميين عماذا قدمت سوى استهلاك ستة أشهر من الأخذ والرد حول تصميم شعارها. ولما طفح الكيل بمجالس إدارات هذه الجمعيات فضل الكثير من الأعضاء إعلان استقالاتهم لكي "يريحوا ويستريحوا" حسب تعبير أحدهم.

والتساؤلات التي توجه لوزارة الثقافة والإعلام: كيف عرفتم أن لوائح هذه الجمعيات ضعيفة؟ وهل أنتم متأكدون أن اللوائح هي السبب في موت هذه الجمعيات في مهدها؟ وهل (تغيير/ تطوير) اللوائح سيملأ الحسابات "الصفرية" لهذه الجمعيات مالا؟ أو سيبني أو يستأجر مقار محترمة لها ؟.

لنكن شفافين ونعترف أن الضجيج الإعلامي والوعود والاستراتيجيات لن تغير من الواقع شيئا إذا لم ترفد باعتمادات مالية وخطوات عملية يراها المثقف والفنان تنفذ اليوم قبل الغد، وإلا فإن الهروب من هذه الجمعيات والمؤسسات الثقافية بشكل عام سيستمر، لأن الجميع ملّوا من الخطط الورقية.!!.