نشكو دائماً من غياب ثقافة التعامل مع آداب القيادة لدى غالبية قائدي المركبات لدينا, وخاصة الجيل الشاب الذي يفترض به أن يكون الأشد إلماماً بها، نظراً لأنه يشكل الواجهة الأبرز لأي تشكيل مجتمعي. ولقد اعتدنا لسنوات أن نسمع تكرار ممارسات سلبية من نوعية معينة يمكن حصر أغلبها فيما يلي ( تجاوز الإشارة الحمراء - التفحيط - عدم ربط حزام الأمان) وزد على ذلك عدم إعطاء المشاة حقهم بالعبور وإن كان ذلك يعد مؤشراً آخر على عدم احترام الآخرين، ونقص في التهذيب والممارسة السلوكية مع المشاة. إلا أن الأدهى هو ما بدأت تطالعنا به بعض الصحف بين فينة وأخرى من اتجاه سلبي بدأ يتجلى في تحطيم مركبات نظام (ساهر) المروري. وعند إعمال العقل في دلالات مثل هذه الممارسة السلبية سنجد أنها مؤشر على العداء المجتمعي يتجلى في تحطيم الأجهزة الخدمية التي هي بالأساس ليست ملكاً لأفراد وإنما للقطاع العام الذي أنشئ بالأساس لتقديم الخدمة النوعية لأفراد المجتمع.

مثل هذه الممارسة السلبية أعتقد بأنه ممكن حلها عبر جملة من التطبيقات تتمثل فيما يلي:-

أولاً: يفترض أن تقوم المؤسسات التربوية بدورها على أكمل وجه، وأن تمارس دورها الحقيقي المتمثل في التثقيف المجتمعي، وأن لا يقتصر دورها في تعليم مكونات المنهج المدرسي العلمي فقط.

ثانياً: أن تشارك الأسرة في متابعة الممارسات السلوكية السلبية لأبنائها، وأن تعمل جاهدة على تهذيبها ومن ثم تثقيفهم سلوكياً، وأن لا تدع الأمر برمته للمؤسسات التربوية فقط.

ثالثاً: الإعلام بكافة أطيافه (مسموع - مقروء -مرئي), والذي يفترض عليه أن يتبنى مشروع تثقيفي وتنويري مدروس يسهم في إعادة تشكيل البنية المعرفية للمواطن فيما يتعلق بآداب التعامل مع المركبات وفن القيادة بشكل عام. وأخيراً, يفترض بالأجهزة التشريعية والتنفيذية أن تقوم بممارسة المزيد من الضبط وتغليظ العقوبة؛ وخاصة على أولئك الذين يستهترون بأرواح الناس. وأعتقد جازماً بأنه عند تطبيق هذا المشروع بشكل جاد فإنه سيسهم في تحسين الجودة النوعية في التعامل مع المركبات وتعزيز ثقافة القيادة الإيجابية لدينا.