المرأة السعودية استطاعت أن تثبت وجودها في معظم القطاعات العملية، وأن تفوز بالتحدي الكبير الذي وضُعت فيه. ورغم جميع الانتقادات وجميع الآراء التي تعارض عمل المرأة إلا أن المرأة السعودية بفضل سياسة حكومة المملكة بإتاحة فرص التعليم للجنسين الرجل والمرأة في جميع التخصصات وعلى جميع المستويات، استطاعت أن تحقق نجاحات متميزة في داخل وخارج الوطن. ورغم محدودية فرص المنافسة للمرأة السعودية في بعض الأعمال لأسباب معينة وبصرف النظر عن قناعتنا بالأسباب إلا أننا حريصون كل الحرص على شؤون المرأة بصفة عامة. فالمرأة السعودية محل اهتمام القيادة السعودية، ومحل اهتمام المثقفين والمتعلمين بصفة عامة. ورغم حرص الحكومة السعودية في توفير جميع التسهيلات لتغطية احتياجات المرأة وتسخير جميع الإمكانات لخدمتها في جميع القطاعات الحكومية إلا أنها غير ممثلة في عديد من القطاعات والمجالس وعلى وجه الخصوص المجالس البلدية والأدبية والجمعيات الخيرية بصفة عامة ومجلس الخدمة المدنية ومجلس إدارات التأمينات الاجتماعية والمجلس الاقتصادي ومجالس المناطق ومجالس المحافظات ومجالس الجامعات وغيرها من المجالس صانعة القرار لفئات المجتمع بما فيها المرأة السعودية. وهذا جزء من متطلبات المرأة ومتطلباتها عديدة. هذا ما دفعني وزملائي في لجنة الشؤون الاجتماعية في الدورة الماضية لمجلس الشورى للمطالبة بإنشاء مجلس أعلى للأسرة. وكنت أذهب إلى أكثر تخصصاً فطالبت بإنشاء مجلس أعلى لشؤون المرأة يتولى احتياجات المرأة في كل قطاع وتتجمع جميع الفروع النسائية المنتشرة في عديد من القطاعات الحكومية لخدمة المرأة في مكان واحد، وهو المجلس الأعلى للمرأة، ويمثل هذا المجلس المرأة في مجالس إدارات منظمات المجتمع المدني، ويكون المتحدث الرسمي والمفاوض والمدافع عن حقوق المرأة أمام جميع القطاعات الحكومية وغير حكومية وهو المسؤول عن متابعة تطبيق القواعد والتنظيم والقوانين المنظمة لعمل المرأة وهو المسؤول عن معالجة القطاعات الأساسية الخاصة بالمرأة وهو الممثل للمرأة لدى الحكومة، شريطة أن يكون أعضاء المجلس الأعلى للمرأة من أعضاء سعوديات وأن ترأس هذا المجلس إحدى السيدات السعوديات من ذوي العلم والمعرفة والخبرة والقدرة على تحمل المسؤولية نيابة عمن تمثلهن وأن تخصص لهذا المجلس ميزانية عادلة لتغطية الاحتياجات والمسؤوليات المتوقع توليها. إن مشاركة المجلس الأعلى للمرأة في صناعة القرار وصياغة اللوائح الخاصة بالمرأة سواء من خلال المشاركة في مجلس الشورى كأعضاء مستقبلاً أو كمستشارات كما هو معمول به حالياً ولكن ممثلين المجلس الأعلى للمرأة.

إن فكرة إنشاء المجلس الأعلى للمرأة هي فكرة قديمة ومطالب قديمة وإن لم يكن الظرف مناسباً لطرحها في ذلك الوقت، فقد يكون طرحها الآن مناسباً، لاسيما أن الملك عبدالله حريص على تطوير جميع الخدمات المقدمة للمواطنين ومنهم المرأة التي تمثل عنصراً أساسياً في مجتمعنا.

إن من أهم القرارات الإيجابية الداعمة والمساندة لعمل المرأة السعودية كانت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقد جاءت على المستوى الدولي بدعم تعيين الدكتورة ثريا عبيد نائب الأمين العام للأمم المتحدة رئيس صندوق التنمية والإسكان، وعلى المستوى المحلي بتعيين أول امرأة سعودية مديرة لجامعة حكومية سعودية هي الدكتورة الجوهرة آل سعود وتعيين أول امرأة سعودية نائبة لوزير التربية والتعليم الدكتورة نورة الفايز، وفي عهده تم تعيين أول مديرة لجامعة نسائية خاصة الدكتورة هيفاء جمل الليل. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين شاركت المرأة السعودية ولأول مرة في تاريخ المملكة في برامج الحوار الوطني وفي كل دورة للحوار الوطني وفي كل موضوع كانت المرأة السعودية مشاركة مشاركة فعلية ومنحت كامل الحرية للتعبير عن رأيها وفكرها وبلغة برلمانية. وفي عهد الملك عبدالله شاركت المرأة المثقفة السعودية شخصياً في معارض الكتاب والمؤتمرات الإقتصادية مع التزامها الكامل بالضوابط الشرعية والاجتماعية وبالعادات والتقاليد. أتمنى على صانع القرار أن تحظى فكرة إنشاء المجلس الأعلى للمرأة بالموافقة على أن يرتبط هذا المجلس مباشرة بخادم الحرمين الشريفين ويكون هو المشرف العام على هذا المجلس.




إن مسؤوليات المجلس الأعلى للمرأة لا تتعلق بعمل المرأة فقط وإنما هناك مسؤوليات كبيرة من أهمها المحافظة على حقوق المرأة التي حفظها ديننا الحنيف، والمحافظة على كرامة وخصوصية المرأة السعودية وهي كثيرة ولا توجد جهة واحدة مسؤولة عن هذه المعالجة. وقد يكون في هذا المجلس الأعلى للمرأة الحل الأمثل لمعالجة المعوقات التي تواجهها المرأة السعودية والمقيمة. وقد يرى البعض عدم الحاجة لهذا المجلس ويطالبون بالتوسع في تواجد المرأة في قطاع الخدمات الحكومية ولا داعي لفصل عمل المرأة أو المراكز النسائية عن الوزارات، وقد يكون لهم وجهة نظر أحترمها، وإنما طرحي ينبثق من حرصي على توحيد الجهود في مجلس واحد يحافظ ويراعي حقوق المرأة ويكون هو صوتها.

وهو اجتهاد شخصي في طرح بعض الحلول للمعوقات التي تواجهها المرأة السعودية في جميع القطاعات.