يجلس أبو جمال بلحيته البيضاء الخفيفة في إحدى قاعات التداول بالعاصمة الرياض يرقب التعاملات عن كثب على شاشة أسعار الأسهم، وقد بدت عليه علامات الرضا في نهاية عام لم يخسر فيه الكثير رغم التقلبات التي شهدها السوق.
ومع الرضا والقناعة تراود أبو جمال (62 عاما) الآمال في جني حصاد وفير من المكاسب في 2012 مثله في ذلك مثل كثير من المستثمرين الأفراد الذين يهيمنون على التعامل في سوق الأسهم السعودية أكبر البورصات العربية.
وبينما يرى الكثير من المتعاملين أن عام 2011 لم يأت لهم بما يشتهونه في ظل الاضطرابات الإقليمية والعالمية التي كادت تعصف بالسوق فإنهم يأملون أن يحمل 2012 بين طياته الاستقرار ويطمعون أن يكون بداية للانطلاق نحو آفاق ومكاسب أرحب.
وأوضح أبو جمال أنه حصل على قرض بقيمة 450 ألف ريال في 2007 وأنه يعمل حالياً في البورصة لتسديد القسط الشهري البالغ نحو 3500 ريال.
وأضاف متحدثاً بنبرة هادئة وواثقة "السوق متذبذب ولكنه أكثر استقراراً من الأوقات السابقة. لم تعد هناك مكاسب كبيرة كما في الماضي ولكن لم تعد هناك خسائر كبيرة أيضا".
وتابع "كان 2011 أفضل من 2010 و2009 وأعتقد أن العام المقبل سيكون أفضل خاصة مع استمرار الأداء الجيد للاقتصاد السعودي...الوضع الاقتصادي للبلد يبشر بالخير ووضع السيولة بالسوق في الربع الأخير كان ممتازاً."
والمستثمرون الأفراد هم القوة الدافعة لسوق الأسهم السعودية - أكبر بورصة في العالم العربي من حيث القيمة السوقية، ووفقاً لبيانات رسمية يسجل الأفراد نحو 93 بالمئة من الصفقات اليومية في البورصة السعودية.
وعلى الرغم من استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في أكبر اقتصاد عربي اهتز أداء المؤشر السعودي خلال 2011 مع تأثر معنويات المستثمرين سلباً بالعديد من الأحداث الخارجية المتوالية خلال العام.
وبدأ 2011 باحتجاجات شعبية غير مسبوقة في بلدان مجاورة ثم جاء الزلزال المدمر في اليابان الذي أثار مخاوف شركات البتروكيماويات بشأن التصدير، وانتهى بأزمة الديون الأوروبية التي تلقي بظلالها على أسواق المنطقة العربية.
ويقول محمد عبد الله وهو تاجر يبلغ من العمر 48 عاما "السوق كانت قلقة في النصف الأول والربع الثالث لكن في الربع الأخير من هذا العام كانت السيولة ممتازة والحركة على جميع الأسهم. أتوقع أن تكون بداية عام 2012 ممتازة ما لم تكن هناك مشاكل كبيرة في أوروبا."
وأضاف عبد الله وهو يحتضن جهاز كمبيوتر محمول (لاب توب) ليتابع بشغف حركة الأسهم وقد وضع كوباً من القهوة على منضدة أمامه "استثمر 25 % من محفظتي في شركات ذات عوائد جيدة في قطاع البتروكيماويات، لكني أيضاً أعمل بشك يومي في قطاع التأمين. حققت عوائد بنسبة 40 % على محفظتي منذ بداية العام."
ويشارك المحللون المتعاملين رؤيتهم المتفائلة لعام 2012 وآمالهم في أن يخترق المؤشر السعودي مستوى 7000 نقطة وأن ينعكس الوضع المتين للاقتصاد على أداء السوق خلال العام المقبل، وهو ما لم يحدث هذا العام على الرغم من النمو القوي لأرباح الشركات السعودية.
ومنذ بداية العام تراجع المؤشر السعودي نحو 3% في طريقه نحو الخروج من عام 2011 عند مستوى أقل من الذي استهله به. ولا يزال المؤشر بعيداً عن أعلى مستوى سجله على الإطلاق في يناير كانون الثاني 2008 عند 11697 نقطة.
وقال عبد الحميد العمري الكاتب الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية "الملفت هو عودة السوق السعودية لتسجيل نمو في قيم التداولات بعد أربعة أعوام متتالية من التراجع لتصل نسبة نموها حتى اليوم لأكثر من 41% مقارنة بالعام السابق."