مع حفظ الألقاب كان (خالد الفيصل) سابقاً لـ(غازي القصيبي) حين وقف كل منهما على عتبة الستين من العمر ثم السبعين ، هذا العام يتغنيان برائعتي كل منهما عن الماضي والحاضر والمستقبل.

إن من يرغب بالإصلاح لديه ألف وسيلة ووسيلة للوصول إلى أهدافه دون بهرجة ولا تزوير.

لا أرتاح لزيارة الوزير أو أي مسؤول سبق الإعداد لها وتحديد موعدها؛ لما تُبرزه من المحاسن وتُخفي من العيوب وإبراز كل شيء أمام أنظاره بلون وردي ، إلى جانب ما يُقام من ولائم ومظاهر إعلانية مدفوعة الثمن من مرتبات الموظفين ، والمفروض أن تتم الزيارة بصورة مفاجئة ومتكررة حتى تكون النتيجة تعديل المائل وتقويم المعوج والوفاء بمشروعات طال الأمد على تنفيذها إما لتقصير الإدارة أو إهمال المقاول.




وعلى كثرة ما قرأت بالأدب العربي لم أجد نظيراً لما أبدعه العملاقان من تأملات فلسفية صاغاها بأسلوبهما السهل الممتنع ، وتفاعل معها عددٌ من الشعراء والكتاب وتناولوها بالمعارضة والتعليق.

كلاهما جدير بالتنويه لما أنجزاه بمجال الأدب والفكر فلم تكن المناصب الهامة التي تقلداها منذ مرحلة مبكرة من العمر شاغلاً لهما عن الإبداع الشعري والفني والثقافة الإنسانية بوجه عام.

وكانت لهما نبؤاتهما وصمودهما أمام الأحداث المتلاحقة منذ الغزو الصدامي لـ(الكويت) مروراً بموجة التطرف وما نجم عنها من قتل وتدمير وإرهاب ، وكانا أول من دقّ جرس الإنذار ولفت الأنظار بينما الناس منخدعون بالكلام المعسول المدسوس سمّاً.

(خالد الفيصل) صاحب الريادة بتأسيس (دورة الخليج) والنقلة التنموية النوعية لـ(منطقة عسير) والوصول بـ(مؤسسة الملك فيصل وجائزتها العالمية) إلى مكانتها الرفيعة ، وتقديم (مؤسسة الفكر العربي) للساحات الدولية دليلاً على أدب الحوار والعبقرية العربية قديماً وحديثاً.

ونجاح صحيفة (الوطن) بفتح آفاق جديدة لإعلام ينشد الحقيقة ويقود المسيرة إلى العالم الأول.

وها هو يكرس خبرته وتجربته لتطوير منطقة (مكة المكرمة) لتكون أنموذجاً لنظيراتها بأنحاء المملكة جديرةً بمكانتها الدينية وإرثها الحضاري ، زاده الله قوةً وسدادا.

أما (غازي القصيبي) جمع الله له بين الأجر والعافية فقد شهدت له مناصبه بالوزارة والسفارة ودواوينه ورواياته وكتاباته وما حواه كتاب (الاستثناء) الصادر عن صحيفة الجزيرة.

لا أنسى له وكان سفيرنا بـ(البحرين) استضافتي بحضور الأسرة الأدبية هناك وعلى رأسهم الشاعر الكبير (إبراهيم العريّض) وتخصيص هاتف مباشر مع المواطنين حين كان وزيراً للصحة وتعميم الكهرباء على المدن والقرى أثناء توليه وزارتها ، إلى جانب ما اتصف به من نظافة اليد والجيب ولا نزكي على الله أحدا.

كم هي مباركة أعمار أمثال (خالد وغازي) إذ لا تقاس بالشهور والأعوام وإنماً بالإنجاز والعطاء والأثر الحسن ، ورحم الله القائل :

إذا مرّ بي يومٌ ولم اصطنع يداً ولم أستفد علماً فما هو من عمري