يتسابق الصغار في الروضة إلى حصة الرمل، فهي توفر لهم الفرصة للعب والمرح، حيث يملؤون الدلال بالرمل، ويشيدون منازل وقلاعا وطرقا للسيارات، وتعمل الفتيات أواني للمطبخ وكعكا وفطائر، كل ذلك من وحي الخيال، ثم يحطمونها بعد ذلك، ويعيدون الكرّة، ورغم مزايا هذه "الحصة" ومنها تنمية الخيال، وحب الرسم، وتشجيع الأطفال على الاكتشاف والتجربة، والتعرف على البيئة المحيطة. إلا أن اختصاصيين يؤكدون في المقابل وجود أضرار صحية لهذا اللعب، حيث يتسبب الرمل في أمراض مثل حساسية الصدر، والعين، والأنف، والفم.
وترى مديرة روضة رياض الأطفال فاطمة عسيري أن "اللعب بالرمل يحقق للأطفال أكثر بكثير مما يحققه التعليم المباشر حيث يطور قدراتهم العقلية والعضلية، ويعلمهم البناء والتعاون والصبر وغيرها، وتلك المهارات المتعددة لا يتعلمها الطفل إلا من خلال اللعب الحر الهادف، وذلك من خلال ركن وحصة الرمل".
أما معلمة رياض الأطفال بسمة الأحمري فتقول إن "حصة الرمل فيها فوائد عديدة من الناحية الجسمية والعقلية للطفل، وغالبا ما يرفض الأهل أن يلعب أبناؤهم بالتراب خوفا على نظافتهم وصحتهم، ظنا منهم أن التراب يضر الطفل مع أنه ينفعه وله كثير من الفوائد التي يجهلونها، مشيرة إلى أن اللعب بالرمل والتراب ينمي العقل، حيث إن اعتماد الطفل على نفسه في البناء يعطيه الثقة بنفسه.
وأوضحت المشرفة التربوية بمكتب الإشراف التربوي بتعليم عسير حليمة مفرح أن "ركن حصة الرمل في رياض الأطفال من الأركان المهمة والأساسية، حيث توجد وحدة كاملة ومفصلة لمدة ثلاثة أسابيع خاصة بالرمل في منهج التعلم الذاتي لرياض الأطفال، ومن ضمن الألعاب التي يمارسها الأطفال يوميا في الساحة اللعب في الخارج، مشيرة إلى أن هذه الحصة تنمي قدرات الطفل العقلية والجسدية، وتجعله قادرا على التفكير، والتنفيذ، والتفكيك، وتعلم التعاون وغيرها من المهارات.
وأضافت أن "حصة الرمل لها قوانين خاصة وهي مادة أساسية مقررة من الوزارة، ضمن منهج التعلم الذاتي، وقد فرضتها بعد دراسة من أشخاص متخصصين في رياض الأطفال وأكدوا أنها تنمي مواهب ومهارات الطفل"، وكل روضة لا بد عليها أن توفر ركنا للرمل"
وعن المضار الصحية لها قالت "لدينا رمل طبي خاص باللعب، وأسعاره مرتفعة، والوزارة توفر ميزانية لرياض الأطفال نتمكن بها من شراء هذا الرمل، وعلى الأهل إبلاغ الروضة أن طفلهم مصاب بحساسية، وأن الغبار يؤثر عليه، حتى نمنعه من اللعب فيه، ونتجنب دخوله في الرمل، ونعوضه بألعاب أخرى"
وأضافت: الرمل يعتبر شيئا مهما للطفل ودائما الطفل يرفض الخروج من الرمل بعد لعبه فيه إلا بصعوبة لحبه لهذه الحصة، وفي المقابل أكدت اختصاصية الأطفال بمركز الثمال الطبي الدكتورة لبنى عبدالوهاب أن "مضار حصة الرمل الصحية أكثر من منافعها، حيث يسبب الرمل أنواعا من الحساسية كحساسية الصدر، والعين، والأنف، والفم"، مشيرة إلى أن حالات كثيرة وردت لها سببها اللعب بالرمل في الروضة.
وأكدت أن "الأطفال المصابين بحساسية في الصدر كالربو وحساسية الأنف ممنوعون من اللعب بالرمل الذي يساعد على تهيج الأنسجة الداخلية".
وقالت إن اللعب لدى الأطفال عموما له أهمية كبيرة، سواء أكان في المنزل أو في الروضة أو المدرسة، لأنه يساعد على نمو جسم الطفل وتقويته، وتنمية مداركه، كما أنه مجال مهم للتنفيس عن مشاعره، وتدريب عملي في الاعتماد على النفس" مشيرة إلى أهمية توفير البيئة الصحية المناسبة للعب.
وكذبت الدكتورة لبنى ما يتردد في بعض رياض الأطفال عن استخدام رمل طبي، وقالت "هذا لم أسمع به أبدا، فلا يوجد عالميا شيء اسمه رمل طبي"، وتساءلت قائلة "من أين جاؤوا بتلك الحصة، فالمدارس العالمية لا يوجد فيها مثل هذه الحصة، وليس هناك إثبات علمي أو دراسة تثبت صحة هذه الحصة".
وطالبت رياض الأطفال بإثبات صحة ما يقدمونه من أفكار خاصة بالرمل، والرجوع إلى الأطباء والسؤال عن أضرارها الصحية، مشيرة إلى أن هناك ألعابا أخرى تنمي المهارات الفكرية والعقلية والجسدية للطفل غير الرمل.
وأكدت الدكتورة لبنى أن الأطفال يتضررون أيضا باللعب بالرمل من خلال ملامستهم له ثم تناولهم الطعام، ودخول حبيباته في أظفارهم، ثم فرك العين فيدخل الرمل فيها ويتسبب في احمرار ومشاكل للعين.
ودعت المسؤولين عن رياض الأطفال إلى منع هذه الحصة، لأن مضارها أكثر من منافعها، واستبدالها بألعاب أخرى تفيد الأطفال نفسيا وجسديا.