وفيما قرأت، يبدو أن الوزارة المصرية الجديدة، برئاسة الدكتور هشام قنديل على وشك أن تأخذ إلى طاقمها وزيراً "أبهاوياً" درس حتى الثانوية في هذه المدينة، وبالتحديد في ثانوية الفهد في وسط المدينة. أحتفظ باسم معالي الوزير الأبهاوي لسببين: أولها، لأن الوزارة لم تعلن عن أسمائها وأركانها رسمياً حتى اللحظة، وأخشى أن يفسد احتفاؤنا به حظوظه في الترشيح. وثانيهما، أنني لست متأكداً من معلومة دراسته في أبها بنسبة كاملة، وإن كنت مطمئناً واثقاً تماماً من صحة مصادري.

وكنت أول من كتب أن وائل غنيم ولد ودرس في أبها حتى الثانوية العامة، وكانت صدفة عرضية مع صديق في دكان صغير حينما قال صاحبها: هذا سعيد غنيم، أبو وائل، وهو طبيب مقيم منذ 32 سنة. وعودة على بدء، فكما يبدو أن النجاح لا ينقاد طائعا لأي من المارين بهذه المدينة إلا بعد رحلة العذاب، واسألوا الصديق الحميم الأستاذ عبدالرحمن السدحان، كيف طاف بأصقاع الأرض شبه يتيم وطريد حتى دانت له – المعالي – في الدوخة السابعة.

الوزير المصري القادم بلاشك لم يكن شذوذاً عن قاعدة هذه المدينة: هو صاحب أغرب سيرة ذاتية. درس الثالثة الثانوية لمرتين هنا وفي بلده. ثم أكمل الجامعة من البكالوريوس حتى الدكتوراه في جامعتين وفي كلية الهندسة.

ومن المربع الأول عاد ليدرس الجامعة من الأولى حتى الدكتوراه في الشريعة في جامعة ثالثة. كأن هذه المدينة تشترط سيرة ذاتية مزدوجة لمن أراد من أهلها أن يبرهن على كفاءة. في غيرها من مدن الأرض تحتاج الكفاءة لسنة دراسية واحدة وشهادة عليا واحدة. هي تشترط على صاحبها أن ينال (دكتوراتين) "ولاحظ أنني أول كاتب في التاريخ العربي يكتب لفظ الدكتوراه اجتهاداً بصيغة المثنى". حتى في اختياره للوزارة يبدو الوزير الأبهاوي لغزاً بالغ الحيرة: هل يأخذونه لوزارة البترول، لأنه دكتور هندسة، أم للأوقاف، لأنه دكتور شريعة؟ الأولى – تكنوقراط – ولكنها نصف سيرته وهذا مخالف لشروط هذه المدينة، والثانية تكمل نهجه، وهذا يكمل شروط المدينة وأيضاً شروط المرحلة المصرية الراهنة. هل هو – الباشمهندس – كما هي أحلام شباب مصر في ثانويات أبها، أم هو الواعظ – صاحب الفضيلة – كما هي تقاليد أهل هذه المدينة؟