• الفيلم الذي حمل اسم "المرأة الحديدية" الذي أدته الممثلة الرائعة "ميرل ستريب" تناول حياة "مارجريت تاتشر" رئيسة وزراء الحكومة البريطانية من عام 1979 وحتى 1990 وكان مليئاً بالحكمة والقوة، ونزاعات السياسة وندرة الشخصية واتخاذ القرار، والعاطفة أيضاً، ابتداءً من عملها في بقالةٍ صغيرة بأحد شوارع لندن، حتى وصولها إلى الضعف والمرض المهين "ألزهايمر"، مروراً بتجربتها السياسية الفذة والمثيرة.

• السيدة تاتشر، التي ولدت في 13 أكتوبر 1925 كانت أول امرأة تدخل حزب المحافظين، وأول امرأة ترأس الحزب نفسه لاحقاً، وأخيراً تكون أول امرأة ترأس حكومة بريطانيا، ولثلاث مرات متتالية، وفي ذلك الوقت العصيب، حينما كانت البلاد تمرّ بأزمة اقتصادية، وفي فتراتها تلك واجهت حرباً مع الأرجنتين، حين احتلت جزر فوكلاند، وانتصرت بريطانيا بفضل حزم تاتشر وقوة اتخاذها للقرار في الوقت المناسب، وبهذا وعبر مسيرتها السياسية هذه استحقت لقب "المرأة الحديدية"، لتكون السيدة مارجريت مثالاً يجوب العالم من أقصاه لأقصاه.

• حياة هذه المرأة كانت العمود الفقري الذي أقيم عليه الفيلم، لكنه أيضاً أراد أن يقول إن الإنسان الذي يتحرك في جوّ حر، وتحت حماية القانون الذي يكفل له ذلك، وبدافع إرادته الداخلية، ومثابرته وكدحه، يمكن أن يكون خلاّقاً ومبدعاً.. بوسعه أن يكون لحظةً كبيرةً من تاريخ ومجد بلاده، هذا الإنسان بشقّيه؛ المرأة والرجل، وإنه مهما كانت طريق المرأة أصعب، بفعل ما خلّفه الإرث الذكوري في كل مكان، إلا أن الإثباتات الكثيرة تأتي حيناً بعد حين، أنها قادرة على أن تكون نصفاً فاعلاً ومؤثراً في أي مجتمع، وفي كل مجالٍ ممكن، وعلى قدرٍ مساوٍ لنصفه الآخر. كلّ إنسانٍ يحمل معجزته في داخله.

• من أجمل ما في هذا الفيلم ذلك الحوار الذي دار بينها وبين طبيبها، الذي يعودها من وقتٍ إلى وقت، ليتأكد كم بقي من ذاكرتها. حين سألها "كيف تشعرين؟" أجابته بل اسألني "كيف أفكر!"، فقال؛ "وكيف تفكر مارجريت تاتشر؟" ردت بمنتهى الحكمة؛ "احذر أفكارك فقد تصير كلمات، واحذر كلماتك فقد تصير تصرفات، واحذر تصرفاتك فقد تصير عادات، واحذر عاداتك فقد تصير شخصيّتك، واحذر شخصيتك فقد تصير قدرك!".

• بعد أن تمكن منها ألزهايمر، صارت تذهب لخيالاتها، تعيش وتحاور وتجادل زوجها المتوفي منذ زمن، يتهيأ لها أنه معها لحظة بلحظة، وهي التي قالت له حين طلب الزواج منها إنها لم تخلق لتموت وهي تغسل الصحون في المطبخ، وأجابها أنه لهذا السبب يريدها.. فبقي حيّاً في داخلها بعد موته.. لقد آمن باستقلاليتها وكدحها.