القادة البارزون في الحزب الجمهوري الأمريكي الذين يزورون أفغانستان اشتكوا من خطة الرئيس أوباما لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بدءا من يوليو 2011. السيناتور جون ماكين صرح لأجهزة الإعلام في كابول أن قرار الرئيس أوباما خطأ وأنه سوف يؤدي إلى تقوية حركة طالبان وتنظيم القاعدة. وإذا كانت هذه هي آراء قادة الحزب الجمهوري في واشنطن، فما هي آراء الحكومة الأفغانية والشعب الأفغاني في هذه المسألة؟

بالنسبة لبعض الدول الغربية فإن إيجاد حل في أفغانستان يعني نهاية الحرب ووضع حد لمشكلة الإرهاب، ولكن في عيون الرئيس والشعب الأفغاني فإن إيجاد حل للمشكلة الأفغانية ربما يحمل معنى مختلفا. بالنسبة لحركة طالبان، وغالبيتهم من البشتون الذين يعيشون على جانبي الحدود الأفغانية-الباكستانية، والتي تقاتل القوات الحكومية الأفغانية وقوات الناتو، فإنهم يريدون فرض سيطرتهم الكاملة على مناطقهم وعلى الحكومة في كابول. الانتماء العرقي والطائفي في أفغانستان لا يزال قضية كبيرة، ومعظم المقاتلين المتشددين يحاربون كي تسيطر قبيلتهم على الحكومة وشؤون البلد. الرئيس كرزاي من البشتون وكان دائما يدعي أنه لا ينتهج سياسة عرقية أو طائفية، لكنه في الحقيقة وظف كثيرين من البشتون، وخاصة من أبناء قبيلته، في مكاتبه. ليس هناك شخص واحد من الطاجيك أو الهازاريين أو الأوزبك يعمل في مكتب الرئيس. ربما يفضل الرئيس كرزاي أبناء قبيلته لأنه يثق بهم أكثر من الآخرين للعمل في مكتبه الخاص، لكنه يجب ألا يوسع هذه السياسة لتشمل الحكومة بحيث يفضل البشتون على الآخرين في الوقت الذي يتعرض فيه لضغوط دولية لمشاركة الآخرين في حكمه.

المجتمع الدولي، الذي يشعر بالإحباط من الرئيس كرزاي وعدم جودة إدارته، ربما كان يأمل أن ينتخب الشعب الأفغاني رئيسا غيره في انتخابات الصيف الماضي لأنه كان أسهل على المجتمع الدولي أن يعمل مع وجه جديد. لكن نتائج الانتخابات كانت مخالفة للتوقعات ومخيبة للآمال، وربما كان هناك تزوير على مستوى واسع. ومع ذلك فإن المجتمع الدولي قبل رئاسة كرزاي المثيرة للجدل سعى لمنع أي وضع آخر غير متوقع قد ينشأ عن ممارسات بعض أنصاره الفاسدين. ولكن كيف ينظر الرئيس كرزاي إلى تأييد الدول الأجنبية التي تدفع مليارات الدولارات لبلاده منذ 2001؟

عبر الرئيس كرزاي في أحد اجتماعاته مع مستشاريه مؤخرا، حسب مصدر موثوق كان حاضرا في الاجتماع، عن موقفه تجاه الوجود الأجنبي في أفغانستان قائلا :"إنهم مثل عصا في مؤخرتنا لا نستطيع الجلوس بشكل ملائم بسببهم. علينا أن نزيل هذه العصا وبالطبع فإن خطأنا كان أننا سمحنا لهم بالتدخل بهذا العمق". وأضاف المصدر أن جميع الذين كانوا في الاجتماع نظروا إلى الرئيس بدهشة واستغراب غير مصدقين استخدامه لهذا التعبير. إذا كان الرئيس كرزاي يرى أن قوات الناتو التي تساعد أفغانستان في الحرب على الإرهاب بهذه الصورة السلبية، فإنه بالتأكيد ينظر بشكل مختلف إلى بداية انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في يوليو 2011.

في 5 يوليو الماضي، رشح الرئيس كرزاي السيد رحمة الله نبيل لمنصب رئيس الاستخبارات. السيد نبيل، الذي يشغل منصب رئيس وحدة الأمن الرئاسي الخاص، سيحل محل أمر السيد الله صالح الذي استقال منذ حوالي شهر بسبب خلاف مع الرئيس كرزاي. إن نظرة سريعة إلى سيرة رحمة الله نبيل الذاتية تجعل المراقب يعرف أن باكستان سترحب به بحرارة كرئيس جديد للاستخبارات.

السيد رحمة الله نبيل من أصل بشتوني وليس له أي تاريخ في محاربة طالبان أو الإرهاب، بعكس أمر الله صالح الذي كانت الاستخبارات الباكستانية تكرهه ولا ترحب به وكانت دائما تسعى لإزاحته من منصبه. ويبدو أن رؤساء القبائل من جميع أنحاء أفغانستان مهتمون الآن لسماع جدول أعمال الرئيس كرزاي الجديد في عقد اتفاقية سلام مع طالبان أو بالأحرى مع استخبارات باكستان. السيد أمر الله صالح، الذي لم يعد يشغل منصبا رسميا، يناقش الآن الوضع الذي تواجهه أفغانستان بحرية، وخاصة مع محاولات كرزاي عقد اتفاق سلام مع طالبان. هذا الشاب الذي لا يتعدى عمره 37 عاما يمتلك الكثير من الخبرات الاستخباراتية. فقد خدم مع أحمد شاه مسعود كرئيس للاستخبارات، ثم أصبح رئيسا للاستخبارات الأفغانية بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان منذ 2004. عندما التقيت مع السيد أمر الله صالح في مقر سكنه في كابول قال لي إنه لا يرغب في الحديث عن أسباب استقالته. ولكن عندما سألته عن جدول أعمال الرئيس كرزاي الحقيقي حول محادثات السلام مع طالبان قال إن أفغانستان لم تعد تملك إرادة قوية لمتابعة القتال. وأضاف السيد أمر الله صالح أن "الباكستانيين والإرهاب أضعفوا إرادتنا مع أن قوات الشرطة والأمن عندنا قادرة على هزيمتهم". وعندما قلت له إن المحاولات الفاشلة كانت أكبر من الإنجازات حتى في أفضل أيام علاقات كرزاي مع الدول الغربية، وإن الاستخبارات الأفغانية فشلت حتى في جعل كابول مدينة آمنة، قال إن رأي الناس في كابول أهم من آراء الآخرين. وأضاف مشيرا إلى محادثات السلام مع باكستان وطالبان "أنا لا أبرر فشلنا. ما أريد قوله هو: هل نستسلم لقوة لديها القدرة على القيام بمزيد من أعمال القتل؟ ربما إذا تخلينا عن قيمنا فإنهم قد لا يهاجموننا".