ازدهرت الفتاوى بشكل كبير مؤخرا، وراجت رواجا منقطع النظير، وكان لشيوخنا نصيب الأسد في المثير والجديد منها لأسباب كثيرة؛ قد يكون وجود الفضائيات واحدا منها بل أهمها على الإطلاق، حيث يستطيع الإنسان العادي الوصول إلى أي شيخ بضغطة زر، ويستطيع استفتاءه في كل ما يعرض له من أمور حياته، صغيرها وكبيرها، حتى أصيب البعض بالهوس، فأصبح يريد فتوى خاصة به في كل أمر من أمور حياته، ففتوى قبل الأكل وفتوى في نوعية الأكل وأخرى في كيفيته وماذا يبقي في صحنه؟ ووجد له أذنا صاغية واستجابة كبيرة عند عشاق الأضواء وحب الظهور، حيث راق لهم الضوء وبريق الفلاشات بعد أن جربوها، فأصبحوا يتفنّنون في الفتاوى، وهم بذلك يحققون أمرين: شهرة وانتشارا للقنوات التي استقطبتهم، وشهرة ورواجا لأنفسهم، فأصبح من فتاواهم النادر والغريب والمضحك والمدهش، وتفاقمت الحالة كثيرا وازداد الأمر سوءا، حتى أصبحت غرائب الفتاوى تصدر بدون استفتاء.
وكلما انحسر الضوء عن بعضهم ابتكر فتوى غريبة تعيده إليه، ففتوى تقتل شخصيات كرتونية وفتوى تحرّم خلوة الفتاة بأبيها إلا في وجود (محرم) وأخرى تمنع المرأة من بعض الفواكه والخضار، وأخرى تحرّض المسلمين على بعضهم. وفتاوى تبيح ما اتُّفق على تحريمه، لكن لشهر رمضان المبارك متعة موسمية لا تضاهى، فمجالات الفتوى فيه كثيرة وأوجهها عدة، والمستفتون من الناس كثُر، خوفا على صيامهم من النقص أو النقض، لذلك فنحن عادة ما نبتلى في هذا الشهر الكريم بغريب الفتاوى والمثير منها، ما جعلنا كمسلمين مجالا للتندر والطرافة، ويزداد الأمر سوءا مع تويتر، حيث سخّره محبو الأضواء والشهرة للفتاوى الصاروخية كذلك، حيث تنتشر بين الناس بسرعة البرق ويزيد بها عدد المتابعين، والذي أصبح هؤلاء يتنافسون فيه، ويباهون به كمشاهير الممثلات والممثلين، بغض النظر عن هدف المتابعة وأسبابها التي يبتكرها هؤلاء. ويستمر جنون الفتاوى، بعد أن وجد له المجال الأرحب على تويتر، ولا نعرف متى سيتوقف هذا العبث. وما الهدف منه؟