تجاهل أصوات الذين لا علاقة لهم بالفن ولا الموسيقى ولا الأدب دائماً يؤتي أكله، ولعل عرض مسلسل "عمر" هو خير وآخر مثال على ذلك.
التهديدات كثرت، وزادت فتاوى التحريم، وفي الوقت نفسه، كان هناك علماء شرعيون يحاولون تهدئة الموقف ومحاولة إيجاد مخارج لتحليل المسلسل. تخيلوا، كل هذا قبل أن يعرض أصلاً، والآن الحلقة الثامنة منه، ومن يريد أن يعرف تأثير المسلسل فليدخل إلى شبكات التواصل الاجتماعي ويبحث في هاشتاق مسلسل_عمر ليرى كيف أن المسلسل أصبح ملهماً للكثيرين، وأن الشباب والفتيات أصبحوا – بلا مبالغة – يقتبسون مقولات، ليست لعمر فحسب، بل لبلال بن رباح وغيره، ويقومون بكتابتها وإعادة نشرها، فهم يسهمون، متأثرين بالمسلسل ومستفيدين من المحتوى الثري له، بإعادة نشر سير الصحابة رضوان الله عليهم، بطريقة عصرية.
ورغم ضبابية الدراسات حول معدلات القراءة في العالم العربي، بين الفينة والأخرى تخرج لنا دراسة تؤكد ارتفاع معدلات القراءة ثم نفاجأ بدراسة أخرى تنقضها، فإن أعمال "الشاشة" أقوى تأثيراً من ألف كتاب. وما يستغرقه المرء من ساعات طوال أوأيام لقراءة كتاب، قد تختصره الشاشة في مشاهد مؤثرة، مشاهد درامية لا يستطيع من لديهم نزعة الممانعة لكل شيء أن يقوموا بمثلها، أو أن يفهموا تأثيرها حتى.
من وقفوا ضد مسلسل "عمر" لم يشاهدوه، حتى يقوموا بنقد منهجي له، فليست شخصية عمر وحدها من ظهرت في المسلسل، بل أبو بكر الصديق رضي الله وعبدالله بن مسعود وبلال بن رباح وغيرهم، كما أن كل شخصية تحمل ألف رسالة ورسالة، قد يهتدي بسببها الآلاف أو الملايين. عرض المسلسل، وسيعرض حتى النهاية، ولأن الحركيين يعشقون الممانعة والتحريض ضد كل ما هو "سعودي"، أود التذكير بأن العمل ليس من إنتاج MBC وحدها، بل هو بالشراكة مع تلفزيون "قطر".