من الجهة الغربية من حي العدامة بالدمام وعلى بعد 200 متر من مسجد الغزالي تشاهد امرأة في الثمانينات من العمر مقعدة بسبب حروق قدميها، تدعى أم سهيل وهي باسطة فراشها البسيط أمام بيتها المتهالك المكون من مدخل صغير لا تكاد تجد فيه موطأ قدم بسبب تناثر أدوات منزلية بالية وثلاجة معطلة عن العمل و"كانون" للفحم تطبخ عليه الذي تستطيعه يداها العاجزتان، سواء دلة قهوة أو بعض الطعام البسيط الذي تسد به جوعها.
تطل أم سهيل في جلستها البسيطة على حجرة نوم بمساحة متر في متر ونصف المتر المربع، تملؤها الملابس المتناثرة بين جنباتها وعلى فراش نومها الذي تفوح منه رائحة الفقر المدقع الذي أمضت فيه أكثر من 50 عاما مع ولدها المعتل نفسيا والذي لا يعلم عن أمر دنياه غير الأكل والشرب والنوم، رغم أنه في العقد الثالث من العمر.
لا يقف البؤس في حياة أم سهيل بل يمتد إلى عقوق اثنين من أولادها، تركاها تعيش في حالة من الفقر والعوز، ليهنأ كل منهما بحياة مرفهّة. وبحسب أم سهيل، فإن أكبرهما يعمل بالجبيل ولديه خمسة من الأولاد ولا تعرف عنهم شيئا، كما لا تعرف شيئاً أيضاً عن ابنها الآخر الذي يعيش في مدينة جدة ولديه عمارة سكنية مكونة من ثلاثة طوابق ولا يسأل عنها أبداً.
يقابل بيت أم سهيل أرضٌ فضاء تحولت لمستنقع تملؤه القاذورات وروائح المجاري وذكرى وفاة زوجها أمام عينيها، لا يؤانسها إلا قطة صغيرة ترى أنها أحنّ عليها من أولادها، وهي لا تفارقها أبداً، وتشاركها الأكل والطعام "الذي يتصدق به جار بيتي وهو رجل مسن، كل وقت غداء يأتي لي بما يتيسر من طعامهم".
من جهة أخرى أوضح عمدة حي العدامة سامي الدوسري أن هذه المرأة لها أكثر من 50 عاما وهي تسكن هذا المنزل المتهالك، وأن جمعية دار الخير تعطيها كل شهر 300 ريال، ولكن هذا لا يفي بمتطلبات حياتها اليومية وولدها المعتل نفسيا، وهي لا تستطيع أن تقوم بمعالجته، لأنها مقعدة.
وأشار الدوسري إلى أن أولادها هجروها منذ سنوات "ولا نعلم عنهم شيئا". كما أكد أنه سيتابع وضعها في الضمان الاجتماعي حتى تستطيع أن تدفع 2000 ريال، إيجار بيتها كل أربعة أشهر.
من جانبه أوضح مصدر في جمعية البر الخيرية أن أم سهيل لها شهرية عادية قدرها 300 ريال. وأضاف أنها كانت تأخذ 500 ريال شهريا، وتم تخفيضها، لأنها تقيم مع أبنائها الثلاثة الذين يعملون برواتب كافية. مشيراً إلى أنه لا علم للجمعية إن كانت تعيش وحدها أم إن أولادها هجروها،
فيما أكد لـ "الوطن" مدير الضمان الاجتماعي موسي آل رقيب أن أم سهيل هي من ضمن المستفيدات من الضمان الاجتماعي وتتقاضي شهريا 800 ريال. وأشار إلى أن ابنة ولدها هي من تتواصل مع الضمان نيابة عن جدتها، وأنها تستلم هذا المبلغ بالنيابة عنها شهرياً.