تمثل الجلسة المغلقة التي تعقد ظهر اليوم الثلاثاء لقادة دول مجلس التعاون الخليجي نقطة الحسم في تشكيل القرارات التي ينتظر صدورها خلال الدورة 32 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي بدأت أعمالها أمس في العاصمة السعودية الرياض، وقد دخلت عناصر جديدة على جدول أعمال القمة فرضتها التطورات السياسية المتلاحقة.

ففي الشأن اليمني، ساهم التطور السريع على الملف اليمني في فرضه على القمة حيث قدمت صنعاء طلبا لتقديم مساعدات اقتصادية وتنموية عاجلة لدعم استقرار اليمن الذي خرج مؤخرا من أزمة سياسية خطيرة بطوق المبادرة الخليجية التي قدمت آليات ساهمت في معالجة هذا الملف.

ويعتبر ملف الأزمة في سورية من أهم الملفات على جدول أعمال قادة دول مجلس التعاون، حيث شهد هذا الملف تطورا بموافقة دمشق على توقيع بروتوكول الاتفاقية التي ترسل بموجبها الجامعة فريقا كبيرا لمراقبة الوضع ميدانيا رغم القلق الخليجي من تحول هذه الخطوة إلى تكتيك سوري لكسب الوقت منعا لخطوة التدويل التي كانت تدفع بها دول مجلس التعاون.

وأضاف الانسحاب الأميركي من العراق قلقا على أبعاد هذا الوضع الجديد على أمن واستقرار دول المجلس نظرا لتبعاته الأمنية والعسكرية مع غياب قدرة القوات المسلحة والأمنية العراقية على فرض نفوذها على كامل التراب العراقي بشكل كامل الفعالية مع نقص التجهيزات والخبرات في هذه القوتين مما يثير تساؤلات حول إمكانية استغلال هذا الفراغ من قبل طهران لزيادة نفوذها في دولة العراق العربية، وما يمكن تقديمه في هذا المجال.

ويعتبر ملف توسيع عضوية مجلس التعاون الخليجي من الملفات الهامة خاصة وأنها تتضمن قرارات دعم اقتصادي لدولتي الأردن والمغرب ضمن برنامج اقتصادي تنموي يستمر لخمسة أعوام مع اشتراكهم في عضوية جزئية في بعض مؤسسات المجلس ولجانه وصولا إلى تقييم إمكانية المشاركة الكاملة لهما في عضويته.

أما عن العلاقات مع طهران، فتعتبر رسالة دول مجلس التعاون في تعاملها مع دول الجوار وتعامل دول مجلس التعاون عنوانا عريضا اصبح سمة لها يمكن تلخيصه بحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم القضايا العربية والإسلامية، وتطوير علاقات التعاون مع الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة، مع تأكيدها دعم موقف أبوظبي وحق سيادتها على الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى) باعتبارها جزءا لا يتجزأ من أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، ودعم حقها الكامل في اختيار اللجوء إلى محكمة العدل الدولية في معالجة هذه القضية رغم رفض طهران المتكرر لتدويل هذا الملف.

والتأكيد على طهران للتعاون مع المجتمع الدولي لمعالجة الملف النووي مع تبني دول المجلس لحل سلمي لهذه الأزمة مع تأكيدها على جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل، ومُطالبة إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار، مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية، والتأكيد على مطالبة إيران باحترام حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون دول مجلس التعاون، وهو الملف الذي يشكل تحديا أمنيا في كافة دول مجلس التعاون الخليجي بلا استثناء بسبب مساع إيرانية لتوسيع شبكاتها التجسسية والعاملة ضمن قوة جيش القدس الإيراني التابع للحرس الثوري.

وفي شأن ملف تطوير قوات درع الجزيرة فقد بحث وزراء الدفاع لدول مجلس التعاون الخليجي إنشاء قيادة عسكرية موحدة مشتركة لهذه القوة لتكريس (مفهوم الأمن الجماعي)، وزيادة قدرة درع الجزيرة الحقيقية على صد التحديات العسكرية لتكون قوة رد سريع ترفع من إمكانية الدفاع لدول مجلس التعاون كافة، مع تطوير قدرات وإمكانات هذه القوة لتشمل مختلف القطاعات العسكرية العاملة والفعالة.

ويتوقع مباركة القادة للخطوة المتعلقة بإنشاء جهاز للشرطة الخليجية إضافة إلى استحداث لجنة أمنية دائمة من وزارات الداخلية تعنى بالأمن الصناعي، في محاولة لتأكيد أهمية العمل الأمني المشترك بين دول مجلس التعاون، في تأكيد على أن دول مجلس التعاون كيان واحد وأن أي تهديد لأمن أي دولة فيه هو تهديد لأمن دول المجلس جمعاء.