نهاية مايو المنصرم كتبت مقالي "الصين الخاسر الأكبر في اللعبة السورية"، بطبيعة الحال فإنها أصرت على موقفها الداعم لنظام دكتاتوري لا يختلف عن نظامها الذي يحكم بالحديد والنار ويقتل مسلمي الصين ويضطهدهم، وخسر تحالفاً إستراتيجياً مع القوى العربية الصاعدة والتي تقود اليوم منطقة ذات رؤى جديدة، فهي خسرت عقوداً وصداقة وجسراً لعالم نشط، ولن تكون خسائرها فقط في دول التعاون لكن لعنة سورية ستطاردها إلى أفريقيا وما بعد بعد أفريقيا.

لكن قرار الجيش السوري الحر الشرعي طرد الروس من قاعدة طرطوس التي تحتلها سيجعل السفن الروسية حبيسة موانئ بعيدة وستحرر البحر الأبيض المتوسط من إزعاج هذه القوات التي تبتز العالم بمناورات دائمة وتفرض وجودها ضمن معادلة الوجود الأميركي في أوروبا الشرقية، فهي تخسر إضافة إلى خروج سورية من قائمة مشتري السلاح الروسي الفاشل لتكون خارج معادلة التحالف والعقود والمستقبل في المنطقة.

أما إيران فهي التي لن تكون خاسرة فقط بل ستودع مع الأسد أحلامها بإمبراطورية مذهبية عنصرية، وتخسر مع عميلها في دمشق مليارات الدولارات التي استثمرتها في زرع الفتنة بدلا من أن تقدمها للشعب الإيراني المسكين على شكل دعم لأسعار الوقود والمواد الغذائية والتعليم والصحة، إلا أنها أنفقته على تسليح الغير وأدلجة المنطقة وتدريب جيوش غير إيرانية ومحاولة فرض سلطة شخص ما في طهران ليكون له نفوذ على شعوب أخرى، لا ليعطيهم صوت الفكر العاقل المستنير الداعم لمشاريع التنمية، بل ليذيقهم سوط العذاب الذي يضرب به باسم الإمام الغائب ليدعم مشاريع الموت والدمار والفتنة في المنطقة، إضافة إلى دعمه لتنظيم القاعدة الذي يجلس بضيافته ليقدم الخراب في العالم.

فيما يمكن إضافة إسرائيل إلى هذه القائمة، لأنها ستواجه نظاما وطنيا لن يجامل مقابل البقاء في الحكم لأربعة عقود، ومع المواقف المتخاذلة لأميركا وأوروبا فإن الشعب السوري وحده من يحدد كيف يتعامل معهم بعد أن تستتب الأمور له في إدارة موارد هذا الركن الهام في العالم العربي، والذي يتكون من السعودية قلب مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وسورية، ومصر، والعراق.