يؤكد نشاط الجامعة الإسلامية الثقافي الذي يتوج الليلة باستضافة أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الذي يلقي محاضرة تحت عنوان "منهج الاعتدال السعودي"، تفعيل شراكة ثقافية مع المجتمع بطرحه قضايا ثقافية وفكرية واجتماعية، يرى البعض أنها لم تكن مألوفة لدى بعض جماهيره.

مثقفون رأوا أن استضافة خالد الفيصل اليوم تؤكد حرص برنامج الجامعة الإسلامية على تأكيد حضوره في خارطة الثقافة المحلية، وأن نشاط الجامعة المنبري يتضح أثره جليا على مجتمع الجامعة الإسلامية نفسه، وأوجد حالة من التواصل الاجتماعي والثقافي بين مختلف شرائح الجامعة، بحسب رئيس قسم الفقه بالجامعة الدكتور عبدالله فهد الشريف الذي قال في حديثه إلى "الوطن": إن من أهم الأهداف التي حققها النشاط المنبري للجامعة الإسلامية إشراك المجتمع مع الجامعة عبر فتح أبوابها بشكل مستمر للجمهور لحضور تلك الفعاليات. وأشار الشريف إلى أن برنامج الجامعة الإسلامية أحدث شفافية في الطرح بين المحاضر والمستمعين من خلال المداخلات والنقاشات، "وبتنا اليوم نستمع إلى محاضرة عن الزلازل والبراكين وآثارها، ومحاضرين يتحدثون عن الجوانب النفسية وعن الجودة إضافة إلى محاضرات الأدب واللغة والتاريخ والتراث، وقبل كل ذلك فعاليات تختص بالعلوم الشرعية".

رئيس مركز ساس الوطني لاستطلاع الرأي العام والبحوث الدكتور محمد بن صنيتان يرى أن مؤشرات الحراك الثقافي والفكري في الجامعة الإسلامية تتجلى عبر عدد من فعالياتها ومناشطها، وليس فقط النشاط الثقافي فقط، واستطاعت الجامعة الإسلامية أن تنفتح على محيطها الاجتماعي والثقافي الذي يدور حولها. وتطلع ابن صنيتان إلى ضرورة أن تواصل الجامعة حراكها وتنفتح على مزيد من علوم العصر في مجال التقنية وغيرها، إضافة إلى احتفاظها بخطها الإسلامي، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من الجامعات الإسلامية في ماليزيا والأزهر في مصر وجامعة الزيتونة في تونس. بينما يرى الإعلامي عبدالوهاب الفيصل، وهو أحد خريجي الجامعة الإسلامية، أن العناوين التي يطرحها منبر الجامعة الثقافي تؤكد طبيعة التنوع الذي تعيشه الجامعة.

إلى ذلك أكد مديرو جامعات الملك عبدالعزيز، وأم القرى، وطيبة، أن المنهج الإسلامي منهج وسطي يقوم على الوسطية والاعتدال فلا إفراط ولا تفريط، يعالج القضايا الشائكة والاضطرابات الفكرية، فالاعتدال من السمات الدينية والحضارية التي يطمح كثير من المجتمعات للظهور بها وبلورتها على أرض الواقع، والأمة الإسلامية هي أكثر الأمم وسطية واعتدالاً. ونوهوا بالجهود التي تبذلها مؤسسات التعليم العالي في هذا الاتجاه، ومنها إنشاء كرسي الأمير خالد الفيصل للاعتدال في جامعة الملك عبدالعزيز والعديد من الكراسي المشابهة في عدد من الجامعات في المملكة، كما تبذل الجامعة الإسلامية التي تضم طلاباً من مختلف الجنسيات جهوداً كبيرة في ترسيخ الاعتدال والوسطية، وهو الأمر الذي سينعكس إيجاباً على هؤلاء الطلاب الذين سيعودون سفراء للوسطية والاعتدال.

وسيتناول الأمير خالد الفيصل في محاضرته - بحضور أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبد العزيز بن ماجد - منهج المملكة في الاعتدال المستمد من الكتاب والسُّنّة، المبنيّ على نبذ التشدد والغلو والبعد عن الانحلال والتطرّف بنوعيه، وهو المنهج الذي أرسى عليه الملك عبدالعزيز - رحمه الله – دعائم هذه البلاد منذ تأسيسها، كما سيُجيب على أسئلة ومداخلات الحضور.

وتعتبر هذه المحاضرة تواصلاً لاهتمام الفيصل بتأصيل منهج المملكة في الاعتدال المتوج بإعلان تأسيس كرسي علمي لتأصيل هذا المنهج تشرف عليه جامعة الملك عبدالعزيز، في العام الماضي، والذي بادرت إليه الجامعة تفاعلاً مع محاضرة قدمها أمير مكة المكرمة أمام الطلاب والأساتذة في رحاب الجامعة وقدم فيها عرضاً علمياً للمراحل التاريخية التي مر بها الاعتدال السعودي. واعتبرت المحاضرة، التي لاقت صدى واسعاً على المستوى المحلي العربي والعالمي، منطلقاً مهماً لتأصيل منهج الاعتدال السعودي في المجالات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، والاجتماعية، والتاريخية، في حين كرس الكرسي العلمي ما تبناه الأمير خالد الفيصل من نشر ثقافة الاعتدال بين أطياف المجتمع ونشر قيم التسامح وتعزيز روح المواطنة، حاملاً في الوقت نفسه رسالة نشر ثقافة الاعتدال السعودي لمواجهة التحديات النابعة من تيارات التطرف والغلو والتغريب. ووضع الكرسي ثلاثة أهداف رئيسة لعمله، أولها إظهار الصورة الصحيحة لمنهج الاعتدال السعودي وتطبيقاته عبر الامتداد التاريخي للمملكة العربية السعودية، وثانيها تعزيز الانتماء الوطني لدى أفراد المجتمع، وأخيراً رفع وعي وثقافة المجتمع تجاه الأفكار الضارة بكيانه واستقراره كالتطرف والغلو والتغريب. ويطمح كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي إلى الحصول على مجموعة من النتائج من أهمها: انتشار ثقافة الاعتدال وانحسار التيارات التي تدعو إلى التطرف والغلو والتغريب، وتنمية شعور المواطنة وزيادة قوة الانتماء الوطني، وتعزيز وإيضاح الصورة الحقيقية والواقعية عن المملكة العربية السعودية وتشريعاتها ونظمها داخلياً وخارجياً في ضوء سياسة الاعتدال التي تنتهجها.

يذكر أن قناتي "الثقافية السعودية" و"اقرأ" ستنقلان المحاضرة اليوم في الساعة الثامنة والربع.