شعرت فاطمة الأسمري بارتباك كبير في حياتها بسبب غياب العاملة المنزلية عن المنزل، كلت في رحلة البحث عن عاملة، بدأت بمكاتب العمالة ثم توجهت لسؤال الأهل والأصدقاء عن واحدة "بنت حلال" يمكن أن تأمنها على بيتها وترعى الله في عملها. شعرت فاطمة باليأس خاصة مع الأخبار والتصريحات المتعاقبة عن أزمة استقدام العمالة المنزلية من إحدى الدول الآسيوية، وفجأة وجدت ضالتها على شاشة إحدى الفضائيات على شريط المحادثة أسفل الشاشة "خادمة تتقن الطبخ والغسيل والاهتمام بشؤون الأبناء وترغب في العمل لدى أسرة للمفاهمة الاتصال على ...". على الفور التقطت فاطمة هاتفها المحمول وسارعت بالاتصال بالرقم المدون أمامها على الشاشة. لم تصدق نفسها وهي تسمع صوتا أنثويا على الطرف الآخر من المكالمة يقول "معلوم ماما أنا أجي 1400 ريال في الشهر" وعلى الفور وافقت ورتبت معها كيفية الوصول إلى المنزل، شعرت أسرة فاطمة بارتياح كبير بهذا الصيد الثمين "عاملة منزلية دليفري". وصلت العاملة إلى المنزل استقبلها أهل البيت استقبال الفاتحين، سعى الجميع إلى راحتها واسترضائها. لم تدم فرحة فاطمة طويلاً إن هي إلا أيام واختفت الخادمة من المنزل ولكن بعد أن حملت معها كل ما طالته يداها من أشياء ثمينة. فاطمة ليست وحدها التي وقعت في ذلك الفخ فهناك كثيرون ذاقوا مرارته، بعد أن استغل بعض العمالة الهاربة الصعوبات التي تعيشها الأسر السعودية نتيجة ندرة العمالة المنزلية وأزمة الاستقدام، من خلال بث رسائل عبر "شات" بعض القنوات الفضائية بعيدا عن أنظار الجهات الرقابية تعرض العمل لدى الأسر الباحثة عن الخادمات والسائقين.

"الوطن" رصدت بعض هذه الرسائل التي تبث عن طريق قناتين "تحتفظ الوطن باسميهما"، وبالاتصال بأحد مسؤولي القناتين أكد أن بث الرسائل عبر شات القناة لا يحملها أدنى مسؤولية، مؤكداً أن هناك رقابة على الرسائل التي تخدش الحياء لكن غير ذلك لا تكون هناك ضرورة لحذفها.

وللمواطن أحمد الأحمد قصة مع تلك العمالة لا تختلف كثيراً في مضمونها عن قصة فاطمة، فيقول "شات" القنوات الفضائية أصبح سوقا ترويجيا للعمالة المنزلية الهاربة بعيداً عن الرقابة. وأضاف أنه جلب سائقا لأسرته بعد العثور على رقمه على شات إحدى القنوات والاتفاق معه. وأضاف بعد مرور 3 أشهر اتضح أن السائق يجلب العديد من بني جلدته في مسكنه الخاص لممارسة أعمال غير أخلاقية مما دفعه إلى تسليمه للجهات المختصة.

وأضاف أن أزمة استقدام العمالة سبب رئيسي وراء استغلال العمالة الهاربة حاجة الأسر السعودية واللجوء إلى الأساليب الخفية فشات القنوات الفضائية يصل إلى أكبر عدد من المشاهدين، مما يوفر لهذه العمالة فرص عمل أوسع.

من جانبه أكد الباحث الاجتماعي الدكتور سعد الموينع أن عدم وجود رقابة من الجهات الإعلامية ذات العلاقة دفع العمالة إلى هذه الأساليب بحيث سمح لتلك العمالة بوضع وسائل اتصالاتها في القنوات الفضائية، وبعض الصحف الدعائية، مشيرا إلى أنه غالباً ما تكون هناك أهداف أخرى لأصحاب تلك الأرقام قد تكون غير واضحة للنّاس.

وتابع: هناك أضرار عديدة للجوء الأسر السعودية إلى هذه العمالة المخالفة لأنظمة الدولة، فقد تكون هذه العمالة مصابة بأمراض معدية وخطيرة، لعدم وجود ما يلزمها بإجراء فحص دوري، ومن خلال احتكاك الأسرة بهذه العمالة قد تنتقل العدوى لأفراد الأسرة، إلى جانب استغلال الأسر التي تدفع لهم مبالغ طائلة لقبول العمل لديها أكثر بكثير مما يمكن دفعه للعمالة النظامية.

وأوضح المستشار القانوني والمحامي ريان مفتي أن مسؤولية وسائل الإعلام المرئي في الترويج لمثل هذه الإعلانات تتمثل في مخالفة نظام الإعلام، سواء للقنوات التي تتبع وزارة الإعلام السعودي أو القنوات التي تتبع عرب سات، باعتبار أنه لا يحق لهذه القنوات بث أي إعلان مخالف لأنظمة أي دولة والترويج له، وعلى هذه القنوات الحد من تلك النوعية من الإعلانات ووقفها، مشيرا إلى أنه لا توجد عقوبة واضحة لمرسلي هذه الرسائل خصوصا أنها تعتبر مجهولة المصدر، ولكن عقوبة التستر على العمالة غير النظامية تصل إلى السجن لمدة ستة أشهر وغرامة عشرة آلاف ريال أو بإحدى العقوبتين مع التشهير.

وأوضح مصدر بوزارة الثقافة والإعلام لـ"الوطن" أن الوزارة لها أن تراقب جميع القنوات الفضائية التي تدخل في نطاق صلاحياتها، أما ما يختص بالشات الذي يبث عن طريق القنوات الفضائية فمن المفترض أن تكون هناك رقابة عليه من قبل المشرفين على تلك القنوات.