لا يخلو مجتمع من أناس جندوا أنفسهم للهجوم على غيرهم ، والإساءة إليهم ، يريحهم أن يشاهدوا فشلهم في غيرهم . فيصورونه للناس عن طريق الهجوم والطعنات والإساءات ، فيعكسون من خلال ذلك صورة ما بداخلهم ، وهم لو وجهوا جهودهم وطاقاتهم في علاج وإصلاح ذواتهم ، لأمكنهم إعادة بنائها وتحقيق أهدافهم و لنجحوا في الحياة ، وسلم الناس من شرورهم . كل ذلك مرده إلى الحقد والغيرة ، فالحاقد كلما نظر بعين الحقد رأى الصورة مشوهة والعيوب واضحة ، يبحث عن مشكلات من يحقد عليه ويحاول الإساءة إليه .

عندما تستفحل حمى هذا المرض (الحقد) ، تظهر الأعراض على صاحبه واضحة جلية ، فتجد الأماني تتحول لديه إلى شكوك يهاجم غيره عليها . ثم يصل لمرحلة تأويل تصرفات الآخرين ، ويظهر عليه بجلاء الميل للمبالغة وتضخيم العيوب ، أما إذا وصلت به حمى الحقد لمرحلة الهلوسة فقد يسمعك قصة كاملة لا أساس لها من الصحة ، لأن الحاقد في هذه المرحلة يتصور خيالات ضد الذين يحقد عليهم ، ويجند وقته وجهده للبحث عن الأخطاء التي تساند شكوكه ، وخيالاته في كل مكان ، لا يتورع عن انتزاع أي تصرفات ، أو كلمات من سياقها . وإن كان إيجابيا ، ليضعها في سياق مغاير بغية تبرير وتفسير ما عنده من شكوك ، وهذه والعياذ بالله ، أشر، وأشرس المراحل التي قد يُوصل إليها هذا المرض . كل ذلك يتولد لدى الإنسان فقط عندما تتقاطع لديه تلك الصورة التي رسمتها له الغيرة ، بأن شخصا ما أفضل أو أنجح منه ، مع ما قد زرعه فيه الحقد من قناعة بأنه هو الوحيد أو الأوحد في كل مجال .

وعلاج هذا المرض هو في وصفة واحده ، وهي أن يثق الإنسان بنفسه ، وأن يرضى عنها. وأن يجد فيها أعظم وأغنى مما لدى غيره، فإن وجدت أن لدى الآخر نجاحا في جانب فيه ضعف لديك . ثق بأن هناك جوانب أخرى قد تحقق أنت فيها نجاحات ، لا يستطيع هو تحقيقها .