"هجومي" هو معرّف قديم كان يكتب به قاص سعودي في منتدى جسد الثقافة، له نص قصير اسمه (ماذا ترى؟)، مستوحى من لوحة للفنان الأسكتلندي جاك فتريانو اسمها (الساقي المغني)، في الحقيقة ليس هو فقط من أوحت له اللوحة بقصة، فقد تلقى الرسام آلاف القصص التي استوحاها أصحابها من لوحته؛ ربما لأن اللوحة التي تمثل رجلاً وامرأة يرقصان في المطر بجوار الشاطئ بينما يحاول الخادم والخادمة حمايتهما بالمظلة.

نص "هجومي" الجميل يقول لك ببساطة: إنك قد تنظر للوحة فلا تشاهد سوى امرأة ورجل يرقصان فتتذكر الحب، وقد تنظر إليها من جهة أخرى فترى الخادم والخادمة فتكره الراقصَينِ وتقول في نفسك "يا لقلبيهما، كيف يستمتعان والخادمان يعانيان؟!".

تذكرت النص واللوحة وأنا أشاهد صورة لأمين منطقة الرياض المهندس عبدالله المقبل وهو يسير وبجواره أحد حراس الأمن يحمل له مظلة تقيه الشمس.

الصورة نشرها الشباب في "تويتر" وكثرت حولها التعليقات التي كان أكثرها يدين هذا التصرف، وبعضها ذهب يبحث عن حجة يبرر للجميع هذا المنظر الذي لم نعتده في بلادنا، أو بالأحرى هو منظر لم يسبق أن ظهر لعامة الناس.

في الواقع، هناك مَن دافع عن الرجل بقوله: إن هذا برتوكول للشركة اعتادت عليه، لكن الشباب الأذكياء ردوا بأن المظلة تحمل شعار الأمانة، ودار نقاش طويل في غالبيته ينم عن وعي كبير لشبابنا وانشغالهم بهموم الوطن، وفكر ناقد يستحق الفخر به.

وهذا هو دورهم الرقابي المنتظر، وإن كانت هناك سلبيات في "تويتر" فلا بد من حدوثها ثم تداركها بالتثقيف والتوعية.

سعادة الأمين ذكر في بعض الصحف مبرره لما حدث بقوله: إنه سلّم على الحارس ثم تلقى مكالمة وانشغل بها؛ فتبعه الحارس بالمظلة. وهكذا يبدو أن سعادة الأمين يبرر تصرف الحارس بأنه يشكر الأمين بطريقته من أجل أنه ألقى السلام عليه.

استوقفني ذلك حقيقة، ووجدت كم هو هذا الحارس بالغ الكرم والشهامة والأصالة، حيث رد سلام الأمين مباشرة بحمل مظلته، أود القول: إني رأيت في الصورة شاباً مميزاً يقي رجلاً أكبر منه سناً من الشمس، وزاد احترامي له عندما علمت أنه أدى الواجب بفضل.