قبل عامين تقريباً كتبت هنا موضوعاً رمضانياً بعنوان: (المفطِّرات بين الحسم والتأجيل)، تطرقت فيه إلى ما يكثر السؤال عنه في رمضان من (المفطرات في مجال التداوي). وذكرت أن هذا الموضوع جرى البحث فيه عام 1418 في الدورة العاشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهو غير المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وقرروا فيه أن قطرات العين والأذن والأنف، وغسول الأذن، وبخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.. والأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.. وما يدخل المهبل من تحاميل، وغسول، ومنظار وغيره للفحص الطبي.. وإدخال المنظار واللولب ونحوهما إلى الرحم.. وما يدخل مجرى البول من قسطرة، ومنظار، ومادة ظليلة على الأشعة، ودواء، ومحلول لغسل المثانة.. وحفر السن، وقلع الضرس، وتنظيف الأسنان، والسواك، وفرشاة الأسنان إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.. والمضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.. والحقن العلاجية الجلدية والعضلية والوريدية باستثناء السوائل والحقن المغذية.. وغاز الأكسجين.. وغازات البنج ما لم يعط المريض محاليل مغذية.. وما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية والكيميائية.. وإدخال قسطرة في الشرايين لتصوير وعلاج أوعية القلب وغيره من الأعضاء.. وإدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء وإجراء عملية جراحية عليها.. وأخذ عينات من الكبد وغيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.. ومنظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل ومواد أخرى.. ودخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي ـ كل ذلك ـ لا يعتبر من المفطرات.
المجمع عقد تسع دورات بعد ذلك، ولم يستكمل ما أجله منذ أكثر من عشر سنين بخصوص أحكام بقية المفطرات في مجال التداوي: بخاخ الربو، واستنشاق أبخرة المواد.. الفصد، والحجامة.. أخذ عينة من الدم المخبري للفحص، أو نقل دم من المتبرع به، أو تلقي الدم المنقول.. الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقناً في الصفاق (الباريتون) أو في الكلية الاصطناعية.. ما يدخل الشرج من حقنة شرجية أو تحاميل أو منظار أو غيره للفحص الطبي.. العمليات الجراحية بالتخدير العام إذا كان المريض قد بيت الصيام من الليل، ولم يعط شيئاً من السوائل المغذية.. وعطفاً على هذه المؤجلات ما أجله المجمع الموقر من الدورة السابعة عشرة عن مرض السكري وصيام رمضان.
للفائدة أنقل عمن يوثق في كلامهم من العلماء أن الراجح عدم الفطر ببخاخ الربو، وأن الجمهور ذكروا أن الحجامة ليست مفطرة، وأن الفطر بالتبرع بالدم معلقٌ بالكثرة المؤدية للضعف والإنهاك. وأن أخذ عينة من الدم للتحليل لا يحصل به الفطر، وأن الغسيل الكلوي بنوعيه مفطر لاستصحابه سوائل مغذية، وأن الحقنة الشرجية مفطرة، بعكس التحاميل الشرجية، أما المنظار الشرجي فالتفطير به معلق بالسوائل أيضاً، وأن صوم مريض العمليات الجراحية بالتخدير العام إذا بيت الصيام من الليل، ولم يعط شيئاً من المحاليل المغذية مختلف فيه، وأن مرضى السكري فئات، والفصل للطبيب.
متمنياً على المجمع وقد تحدد اجتماع دورته العشرين في أواخر شوال القادم بالجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية أن ينهي مناقشة هذه الموضوعات المعلقة، ويتخذ فيها القرارات اللازمة.