هل تلعب الدعاية أو العلاقات الشخصية للفنان دورا في حضور المعارض التشكيلية ؟ طرح السؤال وسط مجموعة من المراقبين وهم يلحظون تفاوتا كبيرا في عدد الحضور بين معرض وآخر، كان آخرها معرض الفنانة نوال مصلي الذي افتتح الأحد الماضي في بيت التشكيليين السعوديين وسط حضور قليل من الفنانين والمهتمين وغياب واضح للعديد من الفنانين السعوديين.

لم يتوقف المعنيون طويلا عند السؤال، بل انصرفوا لقراءة الأعمال التي قدمتها مصلي، التي لا تختلف كثيرا عن تجربتها السابقة، لكنها تؤكد على مرجعيتها باختيارها الفضاءات الطبيعية للتعبير عن عاطفتها الوطنية، والتصاقها الشديد بالأرض. تركز مصلي على الكتلة وتهمل كثيرا من تفاصيل المشهد الطبيعي، أي أنها تعمل في إطار أسلوبها ضد الفكرة التجريدية التي تحتفي بالكلي في أصغر جزئياته، باعتبار أن ثمة نواة تختزل وجود الأشياء وتعبر عن كلياتها.

ما تقدمه مصلي في أعمالها هو تجاوز هذه الفكرة إلى استحضار كلية المكان بوجوده المادي والشكلي، حيث تتمدد على مساحة اللوحة البيوت الطينية وغابات النخيل، لذلك نلحظ أن الكتلة تمثل الثقل الذي يرجح الوجود العيني لموضوعها، وفي غياب التفاصيل تؤكد الفنانة أن موضوعها ليس ترفا شكليا، بل هو موضوع واقعي بلغة تعبيرية يذكر المتلقي بأن ثمة عالما لم يكتشفه رغم حضوره اليومي أمام عينيه، ولعل هذه المهمة هي إحدى وسائل نفاذ الفن إلى بؤرة التأثير العاطفي من خلال تكثيف حضور الطبيعة في المشهد البصري بوصفها الأم الحاضنة لكل وجود حقيقي. هكذا يظهر الأخضر والرمادي والأصفر والأحمر أحيانا لكونها ألوان متوفرة في الطبيعة في مستواها الفطري، ويبدو أن غياب الأزرق عن معظم لوحاتها، على الرغم من الفضاء المفتوح في أعمالها، يؤكد مرة أخرى احتفاءها بالأرض، وبصلابة الموضوع في طبيعته المادية وواقعيته الاجتماعية وبأسلوب يتلمس حدود التعبيرية في أبسط أشكالها.

وكانت نوال مصلي قبل ما يزيد عن عام قد عرضت في معرضها السابع عشر في بيت التشكيليين تجربتها تحت عنون "رحلتي عبر ربوع بلادي.. زادي ريشتي وألواني" مرفقة بكتاب دونت فيه مشاهداتها في رحلة جابت فيها أنحاء مختلفة من المدن والقرى السعودية.