"فرض الله في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقيرٌ إلا بما مُتِّع به غنيٌ".. هكذا قال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وكلما هل علينا رمضان زاد إقبالنا على الله وزاد حبنا للخير فاستكثرنا منه؛ طمعاً بما عند الكريم المنان.. ولا نحتاج إلى ما يستدر عطفنا إلى "الصدقة" ومساعدة المحتاج، فترى الكثير ممن يبحث ويسأل عن محتاج وأسرة متعففة ليكون عوناً لها على العيش والمعيشة. وكلما شاهد بعضنا متسولاً أو متسولةً تبادر إلى ذهنه "وأما السائل فلا تنهر".. فداهم جيبه بحثاً عن صدقة يدفع بها سؤال "غريبٍ" لا يعلم صدق حاجته من عدمها، فتترامى الريالات في أحضان المتسولين والمتسولات أمام المساجد، فيتزايدون تنافساً على رحمة وعطف الصائمين..!
ومنظر المتسولين يكسر القلب بجلوسهم على أعتاب المساجد، ويزداد انكساراً إن كانت المتسولة تحمل طفلاً بثيابٍ رثةٍ ووجهٍ تعلوه الكآبة ويكسوه البؤس، وربما يقول بعض المتصدقين أن بضعة ريالات لا تحتاج إلى استقصاء حالة المتسول، بينما لو تأكدنا أنها ذهبت إلى محتاج لكان خيراً لصدقاتنا، وحداً لإيقاف ظاهرة التسول بالنساء والأطفال كتجارة تستغلها عصابات.
بيننا فقراء، ورمضان فرصة كريمة لانتشالهم من الفقر ولو إلى الكفاف، ولكن ذلك لن يكون بالتصدق على المتسولين أمام المساجد والأسواق والبنوك، بل يكون باهتمام جماعة كل مسجد بأهالي حيهم وتسجيل المحتاجين منهم في الجمعيات الخيرية دون علمهم ودفع الصدقات والمساعدات لتلك الجمعيات لضمان وصولها إلى أولئك المحتاجين.
ولو كانت الصدقة في رمضان عينية تشمل المواد الغذائية والأطعمة الأساسية لكان أضمن لأن يستفيد منها المحتاج فيما ينفعه، بدفع المبالغ لمحال تجارية وتوجيه الأسر المحتاجة للشراء بها.
قبل أسبوع ذكرت "الوطن" أن وزارة الشؤون الاجتماعية تعمل على إحالة 680 مواطناً إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، بعد ضبطهم يمارسون "التسول" للمرة الثانية رغم تصحيح أوضاعهم في المرة الأولى وإلحاقهم ببرامج الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية، والتأكد من انتفاء حاجتهم إلى التسول..!