أنت تعيش حالة حصار في شهر رمضان، حصار معلوماتي، ومحاولات مستميتة من كل مؤسسة إعلامية لأن تجعلك أنت "المشاهد" و"الحكم"، في الوقت الذي تضخ فيه مئات الملايين في إعلانات تحاول أن تجعلك "عميلاً" بامتياز، لن تحيك المؤامرات بالطبع، لكنك ستصبح عميلاً لمنتج ما، سـ"يشفط" ما بجيبك "شفطاً مباحاً".
الإعلانات، هي ما تشتريه أو أشتريته قبل أن تشاهد ما يمكن تسميته "إزعاج" الإعلان، أما المحتوى، ففي كل رمضان يجب أن تكون هناك مساحة محجوزة للدراما، وكأن يومك كله برعاية "كلينكس"! الحلقة الأولى العائلة تبتسم، وفي الحلقة الأخيرة بكاء وطلاق وحالات قتل ومخدرات! أو مسلسل يجتمع فيه "القبضايات" في الحارات القديمة، إلى جانب مسلسل تاريخي، مع ابتسامات شوجي وشنبات حسن عسيري المتغيرة في كل حلقة.
تفتح الصحف، تجد إعلانات عن المسلسلات، تشاهد التلفزيون، الفواصل الإعلانية بين المسلسلات.. تنام، تخاف أن يوقظك المخرج ويطلب منك تمثيل مشهد، أو أن تكون "كومبارس" في مسرحية لا تعرفها، كل ما في الأمر أنك أنت "الهدف"، حتى لو كنت "تسلل".
رمضان هذا العام بدون "طاش"، لكن الجدل انتقل إلى مسلسل "عمر". والعام القادم سيتحول الجدل إلى مسلسل آخر وموضوع آخر، والمنتجون ينتجون، والمعلنون يعلنون، وأنت تعيش حالة حصار وحيرة، لا تستطيع السيطرة على تدفق المعلومات، ولا على كثرة القنوات، كل ما تستطيع فعله أن تقوم بالتنقل بين القنوات وقت الإعلانات، لأن الإعلان أطول من المسلسل أحياناً، كل ذلك لمصلحتك أنت عزيزي "العميل"!