لك أن تعلم، إن كنت من هواة الأرقام، أن معالي نائب وزير التربية والتعليم قد أعلن بالأمس نتائج (362) ألف طالب وطالبة في الثانوية العامة، وثلث المليون هذا المخيف هو بالضبط قنبلة المستقبل. نحن تغص حلوقنا اليوم بخمسين ألف وظيفة سنوية متاحة في إضبارات الخدمة المدنية، فكيف ستبلع هذه الحلوق الضيقة خمسة أضعاف هذا الرقم في غضون أربع سنوات على افتراض أن هذه القنبلة السكانية تمكنت من إكمال الجامعة ثم بدأت تبحث عن وظيفة. وللقنبلة شقان: اجتماعي وتنموي تخطيطي. أما الاجتماعي الذي لا يلتفت إليه أحد فهو هذه الزيادة التسارعية المخيفة في نسبة النمو السكاني التي تضعنا بامتياز على رأس القائمة الأممية. وإذا كان لديك اليوم طفل في الصف الأول الابتدائي فإنه ،بحسب القياس والإحصاء، سينافس بعد اثنتي عشرة سنة من اليوم على مقعده الجامعي مع مليون طالب وطالبة. أترك جانباً زحامه على الوظيفة، فتلك مسألة محسومة تحتاج يومها إلى كروت – اليانصيب – ثم تذكروا أننا نتحدث عن قادم من الزمن في أقل من عقد ونصف. وبالطبع لا أحد يجرؤ على ملامسة هذا – التابو – في مناقشة نسبة النمو السكاني، وحتى الأقل سذاجة من المحللين يرمينا على بحيرة النفط وكأن النفط وحده حلال المشاكل ومفتاح المصعد الوحيد إلى المستقبل.

أما في الجانب التنموي التخطيطي فحدث ولا حرج. ولكم أن تتصوروا أن كل الشركات المدرجة على شاشة الأسهم لا توظف في كل أوراقها اليوم سوى أقل بقليل من مئة ألف مواطن، وأن خمسة قطاعات كاملة منها لا تحوي في أوراقها الوظيفية سوى أقل من ثلاثة آلاف وظيفة، وأن ما يقرب من ثلاثين شركة تأمين لا تستوعب سوى أقل من مئتي شاب سعودي. هذه هي الشركات التي اكتتبنا فيها ودفعنا رؤوس أموالها مضاعفة من حساباتنا البنكية. أختم بالسؤال: ماذا سنقول لثلث مليون مواطن بعد أربع سنوات؟ وما هو العذر الجاهز لدينا كي نقنعهم بالقسمة والنصيب إذا كنا في العام الواحد نستقدم مليونا ومئتي ألف تأشيرة استقدام جديدة: أي أربعة ملايين وثمان مئة ألف تأشيرة كاملة فيما هؤلاء الطلاب على مقاعد الدراسة الجامعية؟