جهزت فاتن بندقجي برنامجها الانتخابي للدخول في انتخابات المجالس البلدية عام 2004 لكن لعدم السماح للنساء بالمشاركة حينها أوقف برنامجها، لكنه لم يثن من عزيمتها للمشاركة في الانتخابات المقبلة بعد السماح لهن بالمشاركة.
عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بجدة فاتن بندقجي من أوائل السعوديات اللاتي حاولن طرق باب انتخابات المجالس البلدية في دورتها الأولى قالت "كنا نتمنى أن يتم تعيين نساء في هذه الدورة، كتمهيد وتأهيلهن للدورة المقبلة".
ودعت بندقجي المرأة السعودية التي لديها الرغبة الحقيقية في المساهمة لتطوير حيها، بالتواصل مع المجلس البلدي في حيها، والمشاركة بمقترحاتها وملاحظاتها في احتياجات الحي، والأمور التي تخص الأسرة، مضيفة "لا بد أن تكون هناك ثقافة المطالبة بالخدمات، والمساءلة، والمواطنة، والخدمة المدنية، وهذه المجالس موجودة لخدمة الحي".
الموافقة على المشاركة
وجاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالموافقة على مشاركة المرأة في الانتخاب والترشيح في الشورى والمجالس البلدية تحقيقا لحلم لطالما راود المرأة السعودية للمشاركة في صنع القرار في مجتمعها المحلي.
وشهدت انتخابات المجالس البلدية في دورتها الأولى محاولات جادة من بعض السعوديات، إلا أن هذه المحاولة لم تنجح، لكن بعد صدور قرار الملك أصبح هذا الحلم على أرض الواقع، وبدأ النساء الاستعداد بالعمل، وزادت رغبة الكثير منهن في المشاركة بانتخابات المجالس البلدية من مختلف مناطق المملكة.
فرصة لخدمة الوطن
من جهتها أكدت رئيسة القسم النسائي بالمؤسسة العامة للتقاعد بالرياض فاطمة العلي أن المشاركة في الانتخابات والترشح مكسب وفرصة لأية مواطنة لخدمة وطنها، من خلال عملها وجهودها المجتمعية، لتساهم مساهمة فاعلة في صنع القرار لتواصل مسيرة العطاء والكفاح التي بدأتها، وقالت "سوف أسخر جميع إمكاناتي وقدراتي العلمية والمعرفية لخدمة الوطن من خلال المجالس البلدية، وسأستعد للدورة المقبلة، وأعمل منذ فترة على تطوير ذاتي من خلال حضور دورات وورش عمل متخصصة إلى جانب أخذ دورات تدريبية في كيفية تصميم البرنامج الانتخابي".
خوض التجربة
فيما شددت رئيسة جمعية فتاة الأحساء لطيفة العفالق على ضرورة المشاركة، قائلة "نحن كسيدات يجب أن نخوض التجربة تماما مثل الرجال عندما خاضوا التجربة من دون خلفية سابقة أو خبرة واكتسبوها لاحقا مع الممارسة، حيث إن المرأة السعودية لها باع طويل في العلم والتدريب والعمل وهي جاهزة لممارسة الانتخابات"، مضيفة "لدي الرغبة والحماس الشديدان لخوض التجربة لذا سأرشح نفسي لأكسر الحاجز أمام المرأة بالمبادرة ودخول الانتخابات".
وأشارت العفالق إلى أن لديها تجربة سابقة في تطبيق الديموقراطية، وقالت "جميع الطالبات تخرجن ولديهن خلفية عن الترشح والترشيح، واتخاذ القرار والتصويت، وأنا لي في التعليم نحو 30 سنة، وفي العمل الخيري 25 سنة، لذا أرى في نفسي القدرة على خوض التجربة ودخول الانتخابات، حيث في مجتمعنا مشاكل واحتياجات، لا تعرفها إلا المرأة، ولكن مجتمعنا للأسف ذكوري "وعن برنامجها الانتخابي قالت "أكثر ما يشغلني هو المبادرة بالمشاركة في الانتخابات، لأكون قدوة لغيري من النساء، وإعطاء المرأة فرصا للعمل والاستثمار، وكذلك وجود نوادٍ للسيدات، ومحال ترفيهية، ورياض أطفال في كل الأحياء لإنقاذهم من التأثير السلبي للخدم، وبالنسبة لذوي الدخل المحدود سوف أعمل على أن يكون في كل مخطط سكني جزء محدد لهم، تطبيقا للتكافل الاجتماعي وعدم إبعادهم خارجا حتى لا يكون بؤرة للفساد".
المرأة لمشاكل المرأة
ومن عنيزة بالقصيم تؤكد حصة الصقعبي ربة منزل أهمية مشاركة المرأة في صنع القرار من خلال مشاركتها في انتخابات المجالس البلدية ومن المهم مشاركة المرأة بشكل عام في انتخابات المجالس البلدية، وقالت "وجود المرأة ضرورة لا بد منها، فالمرأة هي الأعرف بمشاكل المرأة وباحتياجات الأسرة داخل الحي "ومن أبرز المواضيع التي ستعمل عليها فور ترشحها قالت "الاهتمام بنظافة الحي، وإيجاد مراكز تهتم بفئة الشباب والفتيات والعمل على وجود أقسام نسائية في كل الأقسام والدوائر والارتقاء بالبلد".
المجتمع غير مستعد
من جانبها ترى مديرة الشؤون الإعلامية بجمعية الزهايمر سوسن الحميدان التي كانت لها تجربة سابقة في انتخابات هيئة الصحفيين أن المرأة لا تستطيع في هذا الوقت القيام بأي شيء على حد تعبيرها، لأن ثقافة الانتخاب والترشيح ما زالت جديدة على المجتمع، وقالت "كانت مبادرة الملك بالموافقة على مشاركة المرأة في انتخابات المجالس البلدية مبادرة تنم عن ثقته بإمكانات المرأة وقدرتها على الإنجاز والعمل في جميع المجالات، لكنني أرى أنه في الوقت الحاضر لن تستطيع المرأة القيام بأي شيء في هذا المجال كون ثقافة الانتخاب والترشيح ما زالت جديدة علينا، إضافة إلى أن عمل البلديات غير واضح، ومن كانوا في الدورة الماضية لم يستطيعوا عمل شيء أو تسجيل أي نقطة في مجال البلديات بارزة على الأقل، فكيف بالمرأة التي عادة تواجه بعض المعوقات في أعمال هي من طبيعتها ومناسبة لها، وأنا هنا لا أقلل من قدرة المرأة، ولا إمكاناتها، لكني أخشى أن يسجل فشلها في إثبات نفسها ضدها وبالتالي تكون نقطة عليها وليست لها".
وعبرت الإعلامية وفاء بكر يونس عن رغبتها الشديدة في خوض تجربة الانتخابات، وقالت "إنني على أتم الاستعداد لذلك، رغبة في خدمة الوطن، وسأرشح نفسي في الدورة المقبلة" مستدركة "سأعمل على الحصول على دورات تدريبية وورش عمل بحيث أكون مؤهله للمشاركة في الدورة المقبلة".
دعم وتدريب
فضَّلت الناشطة الاجتماعية في منطقة القصيم الجوهرة الوابلي أن تعمل على دعم السيدات وتثقيفهن ونقلهن لموقع صناعة القرار وقالت "كنا نطمح كسعوديات بما لدينا من وطنية وخبرة بالمشاركة حتى لو كان بالتصويت، فأنا مثلا عملت بالمجتمع المدني وتنمية الأحياء من خلال الجمعيات الخيرية بمنطقة القصيم، وهذه الخبرة لا بد أن تقدم لخدمة الوطن، لكني لا أنوي الترشح في الدورة المقبلة، بل سأعمل على نقل النساء لهذا الموقع بالمشاركة في صنع القرار، وبث الوعي بينهن بأهمية الترشح والتصويت وآلية كتابة البرامج الانتخابية، وكل ما يتعلق بالانتخابات، ولا بد من خوض غمار هذه التجربة، وليس فقط في المجالس البلدية، بل في مجلس الشورى وغيرها".
تدريب المترشحات
وأوضحت العضو المؤسس في حملة بلدي فوزية الهاني أن حملة بلدي ستتقدم لوزارة الشؤون البلدية والقروية بطلب تعرض فيه كيفية تدريب السيدات الراغبات بالمشاركة في الدورة المقبلة، حصر أسمائهن وخطة العمل ومدى الحاجة والتنسيق والتدريب، وكل ما يتعلق بالعملية الانتخابية لهن، بحيث يتم ذلك بموافقة من الوزارة، وتحت مظلتها، وذكرت أن البرنامج يتضمن الإعلان عن ترشيح الراغبة في دخول الانتخابات بإشراكها ضمن المجلس الحالي المحلي الذي يتبع سكنها لتأهيلها للفترة اللاحقة وإكسابها الخبرة، وليست لجانا نسائية فقط، بل تكون المرأة متواجدة لمتابعة قضايا الشأن البلدي، وتدريبهن عن طريق ورش عمل ودورات تدريبية للمشاركة في المجلس البلدي والإجراءات المحلية وقوانين الانتخابات، وكيفية عمل الحملات الانتخابية، بحيث تتاح لهن المشاركة في الدورة المقبلة وهن مستعدات.
وقالت "نأمل من الوزارة أن تدعمنا في عملية تثقيف المجتمع بأهمية المشاركة الوطنية ومشاركة المرأة في الانتخابات ومشاركة المرأة وإدماجها في العمل الوطني والاهتمام بالشأن الوطني والشأن المحلي وتلامس احتياجاتها اليومية، وبعد صدور قرار الملك تفاعل العديد من السيدات والجهات الرسمية مثل مركز سيدة الأعمال والمراكز الثقافية في جدة وأبدين رغبتهن بالتعامل مع الحملة".
"نرفض التهميش"
أطلق عدد من طلبة الدراسات العليا في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود مشروع حملة وطنية لتعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، متخذين من مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت وسيلة للتواصل مع جمهورهم المستهدف.
وأوضح عضو المجموعة البحثية يحيى الزهراني أن الحملة اتخذت شعارا لها هو "نرفض التهميش"، وهذا الشعار مقتبس من كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ألقاها في مجلس الشورى، أسست لمشاركة المرأة عندما قال "نرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي"، مبينا أن الهدف من تبني هذه الحملة التوعوية، تبصير المرأة بالانتخابات البلدية عموما، وبقضايا العمل البلدي خصوصا، مع التركيز على بناء الثقافة الانتخابية وتأصيلها بشكل صحيح، كما تهدف الحملة أيضا إلى تعزيز التفاعل الإيجابي بين المرأة وقضايا مجتمعها الذي تعيش فيه وبيئتها التي تحيط بها.
وأضاف الزهراني أن الحملة اتخذت من العالم الافتراضي مكانا لها وقامت بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعنوان "نرفض التهميش"، كما تم إطلاق قناة تلفزيونية على موقع "يوتيوب"، إضافة إلى الانتشار في عدد من المواقع الاجتماعية الأخرى، حيث تم البدء في بث وتوفير محتوى توعوي وتثقيفي متنوع.
يشار إلى أن الحملة تتم تحت إشراف أستاذ الاعلام والعلاقات العامة بجامعة الملك سعود الدكتور عبداللطيف العوفي، كما أن القائمين على الحملة يملكون خبرات ميدانية متنوعة في مجال الانتخابات البلدية ساعدتهم على توظيفها في تأسيس مشروع بحثي يتقاطع مع احتياجات المجتمع، مع قابلية تحويل هذا المشروع البحثي الى حملة إعلامية حقيقية تخدم الجمهور المستهدف.