على الرغم من مناخ التفاؤل الذي تجهد إدارة الرئيس باراك أوباما في إشاعته حول مستقبل العراق بعد انسحاب القوات الأميركية من هناك فإن الآراء غير المعلنة في أجهزة الإعلام في صفوف أغلب الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين تتسم بقدر متزايد من القلق حول قدرة الصيغة السياسية الحالية في بغداد على ضمان الأمن والاستقرار وتحقيق استقلال حقيقي للقرار العراقي.
وأشارت أجهزة إعلامية أميركية متعددة إلى آراء مسؤولين لم تذكر أسماءهم أوضحوا فيها تزايد ذلك القلق في الآونة الأخيرة بسبب ما وصف بأنه حملة لـ"تطهير" المنطقة الخضراء في وسط بغداد من تواجد شركات أجنبية وهي الحملة التي قادها النجل الأكبر لرئيس الوزراء نوري المالكي بنفسه. بيد أن ما ظهر بصورة أوضح في تلك التصريحات هو القلق من عمليات إبعاد المئات من أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة بدعوى التشكك في ولائها. وقال هؤلاء المسؤولون في تصريحاتهم التي أدلوا بها على هامش زيارة المالكي لواشنطن إن حملات الإبعاد والاعتقال كانت موجهة طائفيا وسياسيا وليس قانونيا.
وكانت الحملة الكبرى قد بدأت في نوفمبر الماضي وشملت مئات من أساتذة الجامعات والموظفين الكبار المتقاعدين. وقال الباحث الأميركي في معهد دراسات الحرب رامزي مارديني في دراسة صدرت عن المعهد أول من أمس إن الاعتقاد السائد في صفوف بعض المسؤولين الأمنيين العراقيين هو أن دمشق سلمت العراق قوائم من قالت إن لهم أنشطة سياسية وإن الادعاءات العراقية بأن المجلس الوطني الانتقالي الليبي عثر عليها ضمن أوراق وجدت في مقر المخابرات الليبية بعد سقوط القذافي قد لا يكون صحيحا.
وخلص مارديني في دراسته إلى القول إن "غياب القوات الأميركية من العراق سيجعل لحكومة المالكي يدا مطقلة لتهميش معارضيها مما سيؤدي إلى تعقيد أية انتخابات مقبلة هناك. وسيوفر مستوى انعدام الثقة بين جماعات سياسية وميل محافظات كثيرة إلى طلب الانفصال وتطبيق صيغة فيدرالية يمكن أن تؤدي إلى عودة الحرب الأهلية والمنظمات المسلحة".