تعاني أم فهد وهي موظفة من انطواء طفلها البالغ من العمر أربع سنوات، حيث يظل ملاصقا لها على الدوام، ويرفض الاندماج مع أشقائه، فتجده عادة ما ينعزل عنهم، ويبتعد، ويفضل أن يمارس هوايته وحده دون مصاحبة لأي أحد، وقد شكل ذلك هاجسا لها، حتى إنها خافت أن يكون من أطفال التوحد أو نحو ذلك.

وأضافت أنها تحاول دائما جذب طفلها للعب من أشقائه دون جدوى، مشيرة إلى أن هذه الحالة تزداد لدى طفلها أثناء زيارة الأقارب.

وهكذا تتحرج كثير من الأمهات من انطوائية أطفالهن، وخاصة عند تبادل الزيارات مع الجيران أو الأقارب، حيث يبقى الطفل ملاصقا لأمه، ولا يندمج مع أقرانه بسهولة، وقد عبرت أمهات عن القلق الشديد الذي يصبن به من تصرفات أطفالهن غير المقصودة، والخوف من تطور ذلك إلى حالات مرضية.

وتقول المعلمة أم وليد إنها تترك أطفالها لفترات طويلة بحكم عملها، ومن خلال تصرفات ابنها على مدى خمس سنوات لاحظت أنه بعيد جدا عن أجواء الأطفال وبيئتهم، وحاولت مرارا أن تدمجه مع أبناء شقيقتها، لكن لم تجد أي نتيجة من ذلك، حيث بدأت تقلق، خاصة عندما أدخلته الروضة لكي يندمج مع الأطفال ويتفاعل معهم، لكنه ظل على وضعه، يحب الانعزال والوحدة.

وأضافت أم وليد أن عرضت طفلها على طبيب نفسي ليتعرف على مكمن الخلل، وأخبرها بأنها مسؤولة بشكل كبير عن الحالة التي أصابت طفلها، وخاصة بعملها الذي جعل طفلها ينزوي عن الجميع، ويرى أن وحدته هي الأفضل بالنسبة له، وأنه يكون منسجما عندما يكون بمفرده.

وعلقت الأستاذ المساعد بقسم رياض الأطفال بكلية التربية بجامعة الطائف الدكتورة إيناس أحمد عبد العزيز قائلة بأن "أكثر المشاكل للأطفال بالمملكة والتي لفتت نظرها هي الانطواء، وهي مشكلة تزيد من الحالات النفسية للأطفال، خاصة في حالة الأم العاملة، التي تذهب للعمل في الفترة الصباحية، وتترك طفلها قبل مرحلة المدرسة في المنزل".

وأضافت أن "من أسباب تفاقم المشكلة ترك الأم الطفل لفترات طويلة مع الخادمة، والتي تنعدم بينها وبين الأطفال لغة التواصل، فلا يستطيعون فهمها، ولاهي كذلك".

وأكدت الدكتورة إيناس على أنه ينبغي للأم أن تحرص على أن تودع أطفالها روضات قبل المرحلة الابتدائية، لأنها تعلم الأطفال الاعتماد على أنفسهم، وتساعدهم على الاندماج في البيئة المحيطة من خلال الألعاب التي تؤهل الأطفال للدخول لعالم المدرسة، وتجعلهم مقبولين اجتماعيا ويسهل تحصيلهم المدرسي".

وأضافت أن اندماج أطفال الروضة في عالم المدرسة أسهل بكثير من غيرهم، مشيرة إلى أن الألعاب تخرج الطفل من الانطوائية والعزلة، وتدمجه مع أقرانه، وهو يعتبر اللعب عملا يؤديه، بينما نحن هدفنا فقط التسلية".

وأكدت أن الروضات عالم مهم بالنسبة للأطفال، حيث تحدد لهم في طفولتهم المبكرة المفاهيم العلمية والجغرافية والتاريخية، ونحو ذلك.