بالتاكيد لم تنزعج إسرائيل من الربيع العربي، لأنه أعطاها الفرصة كي تمرر الكثير من المشاريع التي كان من المستحيل تمريرها. إلا أن هذا لا يعني أن الربيع العربي ما كان يجب أن يكون، في ظل الأنظمة التي اتخذت من القضية الفلسطينية شماعة لإطالة عمرها، وتاجرت بها واستغلتها إلى أبعد الحدود.

محادثات السيدة هيلاري كلينتون مع قادة الاحتلال الصهيوني في فلسطين ـ وإن تطرقت إلى الربيع العربي ـ إلا أنها انحصرت في كيفية الحفاظ على أهم إنجاز حققته الإدارة الأميركية لصالح ربيبتها، وأعني به اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وهي مسألة بدأت تطرح بصوت عال في مصر بعد إسقاط نظام حسني مبارك.

ربما ما شاهدته وزيرة الخارجية الأميركية خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة كان غير مشجع، من جهة الاستقبال غير الودي من الجماهير المصرية، وهي رسالة واضحة من الشعب المصري بضرورة تعديل الاتفاقية بما يكفل الكرامة الوطنية، على الأقل.

على كلينتون وغيرها من المسؤولين الغربيين وغير الغربيين، أن يدركوا أن المسائل الداخلية العربية، تبقى في إطارها الشعبي، وأن القضية المركزية للشعوب العربية "فلسطين" ستبقى وإن طال الأمد، وهو الشيء الذي أزعج كلينتون ربما، ويزعج الإسرائيليين أيضا. إذ مهما طال الزمن أو قصر، فإن القدس والأقصى ـ أعلن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين أنهما جزء لا يتجزأ من أراضي إسرائيل ـ سيبقيان في ذاكرة الشعوب العربية، وستبقى إسرائيل من وجهة نظر أي عربي دولة احتلال.