منذ زمن بعيد والدراما الكويتية تعيش صراعا نجوميا "محدودا" على بضعة أسماء لامعة وبراقة. فهي تجربة رغم ثرائها وتاريخها الزاخر بالنجوم والأعمال التي طالما كانت في مجموعها مدرسة مهمة في عالم المسرح وفن التمثيل وصناعة الدراما في الخليج، إلا أن التنافس على قمة هذا الفن ظل سنين طويلة محدودا في الميدان الكويتي على أسماء لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. ولعلها سمة لا نلمسها على مستوى الممثلين فقط، بل حتى الكتاب والمخرجين وغيرهم من كوادر العمل الدرامي في الكويت. الأمر الذي يحدث كثيرا في عالمنا العربي وفي مجالات شتى، حيث تبرز مجموعة أسماء بطرق ملتوية وغير مشروعة، في مجالٍ ما، وتغلق على نفسها الباب، مستأثرة به وحدها دون سواها، حتى تصبح هي كل شيء في مجالها الذي تحتله، بل إنها تتحول أحيانا إلى تجسيد ذلك المجال واستبداله بنفسها!

وفي ظل هذه الأجواء غير الصحية للفن بالعموم، وللفنان وتجربته الشخصية على وجه الخصوص، تخرج من قلب الكويت، ومن أعماق خليجها، ومن حيث كان الغواصون الأوائل يجلبون اللؤلؤ الحر والنفيس، صبية خجولة تدعى "هيا عبدالسلام"، سارقة الأضواء بابتسامتها الصادقة، ومحطمة قواعد "النجومية المحدودة" بملامحها الشعبية القريبة من القلب بالفطرة، لتعيد الأمور إلى نصابها، وتذكر النجوم المزمنين في الكويت، أنهم لم يكونوا كذلك لو لم يجدوا فرصتهم التي يستكثرونها اليوم على الوجوه الجديدة والشابة.

تتمتع عبدالسلام بعدد من الميزات، منها الجاذبية الطبيعية التي لا يستطيع الناس معها إلا أن يصدقوا كل حركاتها وكلماتها، وبالقدرة الكبيرة على تخيل المكان والتماهي مع مفهوم منظور الشخصية ومنظور الدور، لكن ميزتها الذهبية هي أنها لم تتعلق بأحد الرموز الأزلية للدراما في بلدها، فلم تتورط بما يعرف "إبداعيا" بقلق التأثر والتأثير، الذي من شأنه جعل المبدع الموهوب مجرد نسخة فاشلة بالضرورة من نجم آخر. وهذه ليست ميزة ذهبية تتمتع بها هيا عبدالسلام دون غيرها فحسب، بل إنها قاعدة ذهبية يجب أن يعتمدها أي مبدع ليكون مبدعا حقيقيا.