في بداية الربيع العربي، ترددت الدول العربية في بلورة موقفها تجاه ما يحدث من ثورات ضد الأنظمة في تونس ومصر واليمن ثم سورية، التي ما زالت تشتعل بسبب استمرار تقتيل الحاكم لشعبه. وكان سبب التردد هو الرغبة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد كان حتى لا يكون مدعاة لنشر فوضى التدخل في شؤونها.غير أن معظم الدول العربية سرعان ما حزمت أمرها فوضعت معيارا يتم على أساسه التدخل، وهو عندما يقتل النظام شعبه، فلا مناص من التدخل، ومن أجل ذلك وجدت أنه لابد من الوقوف مع الشعب الأعزل الذي يتعرض للمجازر اليومية والتدمير الممنهج.
لا يمكن لأحد أن يتخيل وجود دولة تنقل أسلحتها الحربية من الحدود وتوجهها ضد شعبها الأعزل. غير أن النظام في سورية كما هو في ليبيا القذافي مختلف عن جميع الأنظمة، عامل شعبه معاملة الأعداء فشن عليه حربا مستمرة طوال 24 ساعة على مدار اليوم خلال عام ونصف. وكان ذلك مسوغا كافيا للتدخل دون أدنى حرج، فقد وصف الأمير سعود الفيصل النظام السوري بسلطة احتلال.
صحيح أن طاعة الحاكم واجبة شرعا، ولكننا أمام المشهد السوري فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بدليل تدخل الدول العربية لحماية السوريين. فالحاكم في سورية لم يفرط في أداء أهم واجباته، وهي الحفاظ على أمن مواطنيه فقط، بل تعمد قتل شعبه وترويعهم وتدمير بيوتهم. فما يحدث الآن في سورية من مجازر مسؤول عنها النظام وعلى رأسه رئيس الدولة بعد ذبحه للأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ. لذلك أصبح واضحا هذا المعيار العربي الجريء.