أراد أحدهم تطييب رائحة المكان فأشعل قليلاً من البخور فتصاعد دخانه في الجو ناشراً الطيب في أجواء المكان، لتقابله الموجودات داخل المجمع المدرسي بالصراخ والفزع، مع انطلاق جهاز إنذار الحريق مدوياً، مما اضطر مديرة المدرسة النجرانية لإصدار قرار فوري بإخلاء 500 طالبة من المدرسة، إنها فوبيا الحرائق التي تصيب الكثير من الناس مع حلول فصل الشتاء والبحث عن الدفء في إشعال النار. لكن الفوبيا هذه المرة كانت داخل المدراس وخاصة مدارس البنات بسب الأخبار المتعاقبة عن الحرائق، وكان أبرزها حريق مدرسة جدة الذي راح ضحيته معلمتان وإدارية من منسوبات المدرسة . "الوطن" تفتح الملف وتطرح السؤال "ما فوبيا الحرائق"، وما آثارها؟ وأسبابها؟ وكيف لنا استعادة الثقة في نفوس طلابنا بمدارسهم؟ وهل ساهم الإعلام بشكل أو بآخر في إشعال فتيلها ؟


قلق نفسي

تقول أخصائية الطب النفسي الدكتورة هدى الحسن إن حوادث الحرائق الأخيرة بلاشك ولدت نوعاً من الفوبيا أو الخوف من الحرائق، وقد يثير ذلك القلق في نفوس الطالبات وأولياء الأمور. وتضيف: ومن النتائج السلبية المتوقع أن تخلفها تلك الأحداث هي ردة فعل سلبية من قبل طلاب المدارس خاصة بين من هم في المرحلة الابتدائية. وتتابع: في مثل تلك الحالات لابد من التوعية الإرشادية والنفسية بعقد الاجتماعات بطلاب المدارس لاستعادة الثقة في نفوسهم وطمأنتهم بأن مثل تلك الكوارث عرضية ويمكن معالجتها، وذلك من أجل نزع هاجس الخوف من نفوسهم، حتى لا يتحول ذلك الهاجس إلى مرض نفسي يبعدهم عن المؤسسات التربوية.


وقفة لاستعادة الثقة

ويقول مدير الإعلام التربوي محمد الريض العنزي: بعد فاجعة براعم الوطن في جدة انتشرت فوبيا الحرائق بشكل يحتاج منا إلى وقفة جدية لاستعادة الثقة في المدارس من قبل الطلاب والطالبات. فسلسلة الحرائق في المدارس التي نشرتها وسائل الإعلام ساهمت بشكل أو بآخر في رفع درجة الانتباه والوعي وحسن التصرف في مجابهة مثل تلك المواقف، ولكن لاشك أن تلك الحرائق ساهمت في انتشار "فوبيا الحرائق" خاصة عند الطلاب والطالبات، وفي نفس الوقت رفعت من وعي مديري ومديرات المدارس في كيفية المواجهة السريعة لأي طارئ. وأضاف: منذ زمن ليس بالبعيد كان هناك حريق مفتعل في إحدى المدارس الثانوية للبنات وهو حريق مفتعل من قبل بعض الطالبات وقد تعامل الجميع مع الحدث بكل روية وحكمة وحسن تصرف، و ماحدث في مدرسة براعم الوطن أمر محزن والجميع تفاعل مع الحادث، الذي ولد آثاراً نفسية سلبية داخل المدارس خاصة لدى الطلبة وأولياء الأمور، ومن هنا لابد من معالجة الأمر لاستعادة ثقة الطلاب في مؤسساتهم التربوية، ولابد من انطلاق الحملات التوعوية للتخفيف من حدة ذلك الأثر النفسي الذي قد يؤدي إلى تبعثر أفكار طلابنا داخل أسوار المدارس.



دور الإرشاد

وتقول رئيسة قسم إرشاد الطالبات جوازي الشراري: الحوادث الأخيرة لا تمر دون ترك آثارها النفسية على الطلاب والطالبات؛ ومن هنا يأتي دور المرشدات والمرشدين الطلابيين في ضرورة عقد المحاضرات داخل المدارس لطمأنة الطلاب والطالبات وتوجيههم نحو التصرف الحكيم في حال حدوث أي طارئ داخل المدرسة، ولابد من وضع إرشادات الأمن والسلامة وتوزيع النشرات على الطلاب والطالبات والتي تتمحور حول هذا الجانب. وتابعت: تلك المخاوف طبيعية جداً وما هي إلا ردة فعل لما حدث مؤخراً من حرائق في المدارس.





هاجس

وتقول المعلمة "م ع" معلمة في المرحلة الثانوية: الخوف من الحرائق داخل المدارس أمر يعاني منه الجميع خاصة الطلاب والمعلمين الذين يقضون معظم الوقت داخل الصف الدراسي، و لا يمكن لنا أن نبدد مخاوفنا ونقول إننا بخير ونحن نشاهد ونسمع عبر وسائل الإعلام عن حريق في مدرسة نجم عنه وفيات وآخر نجم عنه إصابات، ليست بالهينة فنحن بشر في النهاية نتأثر بما نسمع ونرى، فما بالك بالطالبات الصغيرات في المراحل الابتدائية، وكيف لنا أن نقنع الطالبات بأن مدارسنا مازالت بخير وتهتم بسلامتهن ونحن نشاهد مثل تلك الحوادث التي من شأنها إعاقة عملية التعليم والتعلم؟ وتتابع: برأيي لابد من وقفة جدية وأنا هنا لا أهول من الأمر بل لابد من الوقوف على مثل تلك الآثار النفسية التي يعاني منها الطلاب والطالبات، وأعتقد أن الأمر يتفاقم لدى المعلمات اللاتي يستخدمن المختبرات والتدبير المنزلي، فما زال هاجس الحرائق أو فوبيا الحرائق يطاردنا في المدارس، والخوف أن يتغلب ذلك الإحساس على طلب العلم والمعرفة.


التكدس داخل الفصول

من جانب آخر أكدت رئيسة التخطيط المدرسي "لطيفة عبد الله العنزي" على أهمية وضع الخطط لمواجهة مثل تلك الكوارث وقالت: بعض المدارس يكون فيها تكدس كبير للطلاب يعيق تنفيذ الخطة بالشكل المطلوب، و تبدأ معالجة الأمر بالوقوف على بعض المدارس التي تعاني من التكدس في الغرف الصغيرة. وتتابع: خطط الإنقاذ السريعة لابد وأن تطبق بالشكل المطلوب ولابد من تدريب الطلاب والطالبات خاصة في المرحلة الابتدائية على تنفيذها كما تعلموها، ولابد من تبصيرهم بأهمية التعامل مع تلك المواقف دونما إحداث الفوضى التي قد تعيق من فاعلية التعامل مع الحدث من قبل جهات الاختصاص.