يبدو أن الحكومة اليمنية الجديدة المكلفة برسم مسار سياسي لانتشال البلاد من شبح الحرب الاهلية "محكوم عليها بالفشل منذ البداية لاعتمادها على قادة الجيش الذين يفترض أن تعمل هي على تحييدهم"، كما أن صورتها سلبية في عيون المحتجين الذين يقودون الانتفاضة ضد الرئيس علي عبد الله صالح.

وستقود الحكومة التي تشكلت الأربعاء الماضي بموجب اتفاق لنقل السلطة، البلاد حتى الانتخابات الرئاسية المقررة في فبرايرلاختيار خليفة لصالح بعد عشرة أشهر من الاحتجاجات. وهدف الحكومة هو الحيلولة دون انزلاق اليمن إلى الفوضى من خلال وضع حد للقتال عبر التفاوض.

وإلى جانب الاحتجاجات احتدم القتال بين وحدات من الجيش موالية لصالح ووحدات مناوئة له وميليشيات قبلية مصرة على القضاء عليه. وربما يتسبب ذلك في تشكيل حكومة يتقاسم فيها أعداء صالح السلطات مع أتباعه لكن بدون النفوذ العسكري الذي يتمتع به الرجال الذين ستحاول عمليا نزع سلاحهم.

وقال إبراهيم شرقية الخبير في حل النزاعات بمركز بروكنجز بالدوحة "لديك مساران.. مسار سياسي يشهد تقدما ويحدد موعدا للانتخابات ويشكل حكومة ومسار عسكري مواز". وأضاف "سيصطدم الاثنان وأعتقد أن هذه اللحظة ستأتي إذا أصبحت مسألة إعادة هيكلة وحدات الجيش واقعا فعليا وعندما تأتي مسألة بقاء أحمد وابن عمه في السلطة أم لا.. حينها يتعين عليهم مواجهة الواقع". وكان يشير إلى أحمد نجل صالح وابن عمه يحيى محمد عبد الله صالح وهما قائدا الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي على التوالي.

وقال المحلل السياسي اليمني عبد الغني الإرياني "الكثير من الأشخاص الذين تم تعيينهم أقل بكثير في الكفاءة مقارنة بمن سبقوهم". وأضاف "ما شهدناه هو خليط من التسوية والترضية أنتج مجلس وزراء غير فاعل". وتابع "أقصى ما يمكن أن تتمناه من هذه الحكومة هو تحقيق الظروف الملائمة لإجراء انتخابات رئاسية سلمية خلال شهرين ونصف الشهر. لا أعتقد أن بمقدورهم تحقيق شيء ملموس أكثر من هذا".

ورفضت الحركة الاحتجاجية حكومة الوحدة الوطنية قبل تشكيلها بوقت طويل. ورفع المحتجون الشبان الذين قضوا نحو عام في الشوارع سقف مطالبهم الخاصة بالتغيير السياسي إلى ما هو أعلى من رحيل صالح إذ دعوا إلى إسقاط جميع النخب السياسية في البلاد. وينظرون للصراع العسكري في البلاد على أنه عداء بين شركاء فيما يعتبرونها جرائم ارتكبها نظام صالح.

ويرون أن المعارضة الرئيسة متواطئة بالمشاركة في اتفاق منح صالح الحصانة من المحاكمة بتهمة قتل المحتجين على يد قوات الأمن. وقال مانع المطري (28 عاما) وهو أحد منظمي الاحتجاجات في العاصمة "لا يمكنك أن تقول إن الحكومة ستعمل بشكل مستقل عن صالح بدون تطهير كامل لقيادة الجيش من جميع أقاربه.. الجيش يدير الأمور في هذا البلد وليست الحكومة".