جلس مثقفون على منصة مؤتمر فكر10 أمس، باحثين عن ربيع لـ"الثقافة". وحاول المشاركون في الجلسة الخامسة الإجابة عن تساؤلات المفاهيم الفكرية والثقافية التي حتمت المرحلة الحالية إعادة بلورتها والترويج لها.

واتجه المشاركون إلى إعادة طرح إشكالية التغيير في جلسة "هل للثقافة من ربيع" التي ترأسها وزير الثقافة الأردني صلاح جرّار، الذي رأى أن أي ثورة لا تنطلق من رؤية ثقافية وقاعدة فكرية ، وأنّ أي ثورة لا تحقّق حلمًا بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإنهاء الإقصاءات سيكون مآلها الفشل.

وطرحت الجلسة عدّة تساؤلات عن علاقة الثقافة والفكر بالربيع العربي وعن نتائج هذه التغييرات على المستوى الثقافي والتحدّيات التي تواجهها وعن دور المثقّف العربي في خضمّ هذه المرحلة المفصلية من تاريخ العرب.

إذ أكد الأستاذ الجامعي من موريتانيا عبداللله ولد أباه أن الثورات العربية فاجأت الجميع أولهم المثقفين، ولفت إلى "انفصام بين حركة الواقع العربي والمسار الثقافي العربي" مضيفا "وهذا ما أظهرته الثورات العربية، بدليل أن القوة التي نعتبرها مناهضة للديمقراطية هي التي استفادت من الحراك." في حين رفض ولد أباه مقارنة الثورات العربية بغيرها فلكل ثورة طبيعتها، مؤكّدًا أنّ الربيع العربي أثبت أنّ الهوية العروبية ما زالت قوية.

من جهته، قال السفيرالسعودي لدى اليونسكو زياد الدريس في مداخلته عن وجود موقف فكري للذين قاموا بالثورات، "أن لا رؤية فكرية لهم"، مؤكدا على بدهية إعادة تشكيل النخب في كل عصر بحسب المتغييرات "ففي عصرالاتصالات، النخب التي تؤثّر في الجماهير تتشكّل من الذين لديهم حسابات تويتر وفيسبوك والناشطين الإلكترونيين بحكم قدرتهم على التأثير والتغيير". واتفق الدريس مع الطاهر لبيب في أن "الثقافة الربيعية" تأتي خلال عقود لا أشهر، لافتًا إلى أن التغيير هو الذي يشكل ثقافات جديدة.

وردا على سؤال من رئيس الجلسة صلاح الجرار، قال الدريس إن القضية الفلسطينية أصبحت قضية ثقافية، وإن انضمام فلسطين إلى اليونسكو إضافة إلى الربيع العربي وهي مؤشرات على الربيع الفلسطيني.

أما الأستاذة المشاركة في قسم التاريخ والآثار في جامعة الإمارات العربية المتحدة فاطمة الصايغ فأشارت إلى الفراغ القائم بين تفكيرالأنظمة والشباب، قائلة إن "الشعوب تصغر في العمر والحكم يهترئ، وانخفاض متوسط أعمار الشعوب وارتفاع معدل أعمار بلاط الحكام أدى إلى الفجوة التي بين الحاكم والمحكوم".

وأكدت الصايغ "أن ثقافة الربيع المرتبطة بالتغيير سوف تغير ثقافتنا، إذ إننا نمر بمرحلة جديدة ترفض فيها العقول العربية الثقافات التقليدية، ثقافات الفساد".

وعن دور المرأة في الربيع العربي، أشارت الصايغ إلى أن وجود المرأة إلى جانب الرجل في الشارع خاصّة في الدول المحافظة أظهرارتقاء المطالب النسائية من مطالب جندرية إلى مطالب إنسانية، فالثورة تطالب بحرية الإنسان وليس المرأة أو الرجل

أما الأستاذ الجامعي ومديرعام المنظّمة العربية للترجمة في بيروت الطاهر لبيب فأشار إلى أن "الدرس الأول الذي علّمتنا إيّاه الثورة العربية هو التواضع. فإن يقم إنسان عادي بفعل لم يتبنه له أحد إلا عن طريق الحدس التاريخي غير مفهوم أن النخب هي التي تصنع التغيير". واستنكر لبيب الحكم المبكر على الثورة بأنها فوضى، قائلا إنها لا توجد ثورة في التاريخ لم يكن فيها فوضى، طالبا إعطاء الوقت "لهذا المدّ الشعبي والفعل الجماعي الآتي من الشعب وليس من النخبة".

كما ألمح لبيب إلى ما سماه "عقدة المثقف" الذي يحاول الآن أن يساهم في بناء ثورة لم يقدها. وازدادت دهشة المثقف، كما قال لبيب، عندما طغى الطابع المدني والسلمي على التحركات لا سيما في تونس.

من جهة أخرى، قال عضو مجلس الشورى في مملكة البحرين ضياء الموسوي إن ما حصل هو نصف ربيع سياسي يحتاج إلى ربيع ثقافي فـ"أزمة المثقف أنه كان يخاطب الناس من فوق "البلكونة".