حمل التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية في طياته عبارات دالة على الاستغراب تارة وللصدمة تارة أخرى، ولم تخل صفحاته من عبارة "ملاحظة صادمة أو محبطة" وهي تستقرىء توجهات الشباب العربي.
وبدأت قضايا الشأن الخاص، واللغة، كأكثر الملفات التي استوقفت فريق عمل التقرير الاستطلاعي والرصدي، حيث ركزت على توجه الشباب العربي للكتابة باللغة اللاتينية الدالة بمفهومها للغة العربية، حيث شكل مجموع من يتعامل بتلك الطريقة ما نسبته 50% من شباب العرب.
وبين التقرير، أن الكتابة عبر الإنترنت أضحت تستخدم الحروف اللاتينية لمفاهيم تدرك باللغة العربية، وبدا هذا الأسلوب شائعاً ومحبذاً لدى شريحة واسعة من الشباب العربي بلغت نحو 50% من إجمالي المستطلعين، وهي ظاهرة مقلقة بكل المقاييس وتحتاج إلى الكثير من النقاش، إضافة إلى اعتماد ما نسبته 16% على لغة الـ MSN في الكتابة.
وأوضحت نتائج الاستطلاع، أن ما يزيد من طرافة تلك النصوص اللاتينية العربية هو إضافة حروف رقمية، وأن تلك أصبحت الطريقة الجديدة والمبتكرة في عالم التواصل الشبابي، والنصوص الحوارية والرسائل المشفرة أو الدردشة.
ونبه التقرير، إلى أن مضمون الحديث مع الآخرين عبر الإنترنت كان لمجرد التعارف فقط بنسبة 23.6%، ولتعميق الصداقة بنسبة 35%، وللتسلية واللهو بنسبة 19.8%، بينما يستخدم الإنترنت للفائدة المعرفية بنسبة 61.2%، وأن استخدامه للتعارف هو الوحيد الذي يكون باستخدام اللغة العربية العفوية والسهلة.
وفي شأن المسرح، شدد التقرير على أن المسرح العربي يراوح مكانه فمعظم ما قدم خلال الأعوام 2005 – 2006 – 2007 هو نفسه ما يقدم في العامين الماضيين 2010 – 2011 إلا باختلاف العناوين فقط.
أما الحقيقة المدهشة، فتكمن في أن المنتديات العربية على الإنترنت أصبحت "دولة النساء" وتحديداً الإناث الشابات في مقتبل العمر، وتحتل المملكة المرتبة الأولى من حيث صدارة أعداد المنتديات وبفارق كبير جداً حيث بلغ عدد المنتديات السعودية عشرة آلاف منتدى، وتلعب المرأة السعودية دورا محوريا في الأنشطة والمشاركات الجارية في القضايا المثارة عبر مجتمع المنتديات العربية.
ويشكل الفراغ السبب الرئيسي في دفعهن للتمحور في عالم المنتديات، حيث تعد القنوات الأكثر إتاحة لتعبيرهن لآرائهن والمناقشة لإثبات الذات، وتعد الأفلام والسينما والأغاني والإرشادات والنصائح والقضايا الدينية والخواطر والقضايا الاجتماعية الأوسع انتشاراً في المنتديات، وحازت كافة المتعلقات بالسلك السياسي والاتفاقيات السياسية والفضائح والأزمات العالمية على سياسة "التهميش" في الفضاء المنتدياتي، كونها تشكل الأقل حضوراً في تلك المنتديات.
وفي زاوية عنونت بـ"عندما تتكلم الأرقام والحقائق"، أوضح التقرير أنه على الرغم من أن المملكة تعد هي البلد الأكبر والأكثر اكتظاظاً بالسكان من بين بلدان مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها لا تمتلك الصالات السينمائية بشكلٍ عام، بل حتى إنه لا وجود لأي مساع لإيجاد الصالات في المملكة في الوقت الحاضر، أو المطالبة بوجودها، وتعد المملكة واحدة من أكثر البلدان استهلاكاً للأفلام في العالم، وأن الأفلام تدخل لحياة السعوديين أو ملايين المقيمين في المملكة ليس عبر الصالات بل عن طريق العروض على شكل أسطوانات مدمجة أو ما يشابهها أو عبر التلفاز، وتدخل الحياة السينمائية حالياً في كل بيت سعودي من دون أي استثناءات سواءً عبر الأسطوانات أو التلفاز، ويحرص المواطن السعودي على أن تكون في بيته أحدث الأجهزة وتقنيات العرض.
أما الحقيقة المرة، فكانت بكشف التقرير أن المسرح العربي راوح في فترة زمنية ماضية في محله، ثم راح يتخبط في خصائصه المشؤومة وأصبح يتصف بأنه لا مدينة لبعض المسرحيين العرب، ولا بلد عند المسرحيين، ولا مسرح في غياب المدينة، ولا مسرحي في غياب المسرح، وتعتبر رسالة المسرح في المملكة غير متبلورة بسبب هجوم بعض الأوساط المتشددة عليها، وعلى معرض الكتاب، وأسماء عناوين المسرحيات مما أسهم في مواصلة الرجال لعب أدوار النساء أو الاستعانة بممثلات إماراتيات وقطريات لكي يلعبن دور الفتاة السعودية في المسرحيات.