أمسكت مؤسسة الفكر العربي بالشباب تحليلا وقراءة لتوجهاتهم وهم يقودون بلدانهم إلى التغيير خلال السنة الأخيرة، فجاءت قراءتها لهم عبر تقريرها الرابع للتنمية الثقافية مثيرة وهي ترصد سلوكهم ونشاطاتهم عبر الإنترنت.

وبدت قضايا الشأن الخاص، بحسب التقرير، مسيطرة على اهتمام شريحة كبيرة من المواطنين العرب، فحضرت النقاشات الترفيهية والبحث عن الاستشارات الشخصية والغوص في تفاصيل الأفلام والمسلسلات والبحث عن الأغاني، فضلا عن ملاحقة الفتاوى الدينية.

كما حضر "فيس بوك" كمنصة رئيسة للتنفيس عن مكنونات ملايين العرب، ومشاركة همومهم لأقرانهم، والتعبير عن أحلامهم وآمالهم وإحباطاتهم.

إلا أن التقرير حمل إشارة مهمة، وهو يتابع اهتمامات المواطنين العرب على فيس بوك، إذ أظهرت نتائج ملاحقة ما يكتبه الشباب، أن قضايا الشأن العام لا تظهر إلا متأخرة، بعد إشباع الشأن الخاص من خواطر ومشاعر. فجاءت قضايا التعبير وحرية الإعلان والتعليم والتربية إضافة إلى حقوق الإنسان والقضايا السياسية في ذيل قائمة ما يتابعونه.

أما الحقيقة المحبطة التي جاءت في التقرير، فكانت الإجابة المنتظرة للسؤال الذي يشغل كثيرا من الشباب الفاعلين على الإنترنت: "هل ما نكتبه يؤثر في الجمهور؟" وكانت الإجابة بالأرقام هي أنه من أصل 120754 تدوينة كتبها المدونون، تجاهل الجمهور نحو 100 ألف تدوينة، وهو ما يعادل 83% من مجمل ما كتب، وهو "أمر صادم".

لذا أعلن التقرير أن الأغلبية الساحقة من تدوينات العرب فشلت في جذب الجمهور، وحثه على التفاعل معها عبر التعليقات، أي إن أغلب ما يدور في مجتمع التدوين العربي، هو في نظر الجمهور مجرد حديث دردشة لا يستحق التفاعل معه.

ويبدو في فضاء التفاعل الرقمي أن العرب منقسمون إلى فريقين: الأول اختار الصمت والابتعاد عن مناقشة قضايا الشأن العام (سياسية وحقوقية واجتماعية) فانحازوا إلى الاهتمام بالموسيقى والسينما والرياضة وما شابهها من قضايا الشأن الخاص، وهؤلاء كانوا السواد الأعظم من المستخدمين لأدوات التواصل والتعبير على الإنترنت، في حين لم يكن لهم ذاك التأثير الذي يذكره جمهورهم.

أما الفريق الثاني، فكان أولئك المهتمين بنقاش بقضايا الشأن العام، وهؤلاء قلة، بحسب دراسات التقرير العربي الرابع، ولا تلاقي كتاباتهم تفاعلا منطقيا أو تأثيرا إلا حين يهاجمون ويلاحقون، وحينها تتفاعل معهم شرائح واسعة من المجتمع، وتتبنى أطروحاتهم.