في تقرير إدانة الدوريات والهيئة بعد حادثة بلجرشي، حمّلوا الشاب جزءاً من المسؤولية، حيث غادر المكان مسرعاً على الرغم من عدم وجود ما يستدعي هربه من الهيئة أو الدوريات، في الحقيقة أرى أنه كان هناك ما يستدعي مغادرته وبسرعة، ألا وهو الغضب من التدخل في شؤونه وحرمانه من حقه وأسرته من ليلة نزهة صيفية ربما رفع فيها أحد أطفاله صوت مسجله على أناشيد أو أغاني أطفال، وبخاصة أن المتنزهين الآخرين لم يتقدموا بشكوى، ولم يذكر التقرير أنها أغانٍ ماجنة، أضف إلى ذلك أنهم استخدموا مكبر الصوت دون مراعاة لأدب النصيحة والحوار، فلِمَ - بربكم - لا يغضب ويأخذ أولاده ويغادر؟!

إن شاباً مثله يستحق الاحترام له ولخصوصية أسرته، ولكن للأسف هناك في مجتمعنا من يستهين بحاجة الشاب لاحترام خصوصياته؛ فيتصرف بدافع الأبوية الخاطئة كأن هذا الشاب لم يصل لمرحلة الرشد بعد ليعرفه الخطأ من الصواب، ولا شك أن ترك هؤلاء يتصرفون مع الشباب بهذه الطريقة سيدفع الشباب للمزيد من السلوك الناتج عن الغضب، وليس آخرها تعمد إيذاء رجال الهيئة أو الدوريات أو حتى هدم ثقتهم في أنفسهم، وبالتالي نحصل على شباب غير أسوياء!

هناك أناس أحاديو التفكير، مثل الشابين العاطلين اللذين قررا قفل جبل أحد، ومما يبدو من القصة أنهما ناصحا الزوار ولم يفد ذلك، فقررا أن يُجبرا الجميع على الانصياع لرأيهما القائل بأن أي زائر للغار هو شخص يمارس شركيات، لذا تحرم زيارة الغار.

ألا تعمل وتصبح عبئاً على أبيك وأمك وعلى الناس من حولك، وتمر الأيام وعمرك يمضي بلا زواج أو استقرار، كل تلك ضغوط تصنع شباباً يبحثون عن تيار متشدد يساري أو يميني ليعتنقوه، المهم أن يُفرغ الشاب طاقة الغضب التي في داخله.

في الحقيقة، ماذا نرجو من شباب يعاني من الحرمان من الخصوصية وعدم الاحترام، غير أن يقود أسرته أو مجتمعه إلى الموت؟!