رحم الله عبدالرحمن الغامدي، وخلف على أسرته بخير وشفى مصابهم وعظم أجرهم. إنها خسارة وطنية لسبب في غاية التفاهة.

الحق أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شهدت إصلاحات مهمة في عهد رئيسها الدكتور عبداللطيف آل الشيخ كلها تتوخى الصالح العام وتطبيع العلاقة بين الهيئة والمواطنين، ويستحق رئيسها كل التقدير والتشجيع. ولا بد من مراعاة هذه الخطوات الإصلاحية حين ننتقد الهيئة حتى لا تكون رئاستها بين مطرقتين لا ترحمان فتتوقف عما أنجزته وهي تمشي في حقل ألغام!

أحيي رئيس الهيئة على إجراءاته التي اتخذها في حادث بلجرشي، وننتظر نتائج التحقيق الذي يجب أن يشمل الطريق والمقاول، ونتمنى أن تكون معلنة.

أما بخصوص الحادثة، حسب المعلومات المنشورة، فهناك صفتان سلبيتان مشتركتان بين الضحية ورجال الهيئة، الأولى هي: استسهال مخالفة النظام، فالضحية ـ غفر الله له ـ يعرف يقينا أن النظام يلزمه بالتوقف استجابة لطلب الدورية، وكان يمكنه التوقف والتفاهم معهم وقبول الإجراءات التي يمكن أن يتخذوها ضده في مسألة رفع صوت المسجل، وهي مسألة تافهة جدا. ومن الجانب الآخر فدورية الهيئة خالفت التعليمات التي تلزمها بعدم المطاردة والاكتفاء بالإبلاغ عن رقم السيارة.

الصفة الثانية هي عدم احترام حياة الإنسان، فالضحية ـ غفر الله له ـ غامر بحياته وحياة أولاده وزوجته دون أي مبرر، بالتأكيد هو لا يقصد لهم الضرر، لكن هذا ما حدث. وفي الجانب الآخر فرجال الدورية على يقين أن المسألة لا تستحق المطاردة، لكنهم اندفعوا وطاردوا وعرضوا حياتهم هم وحيوات مواطنين للخطر وانتهوا إلى إزهاق نفس محرمة وترميل زوجة وتيتيم أطفال. مؤكد أن رجال الهيئة والأمن لا يريدون هذه النتيجة، لكن هذا ما حدث.

أكثرنا، إن لم نكن كلنا، نتصف بهذا السلوك، استسهال مخالفة النظام، وعدم احترام الحقوق والحياة.

نحن لا نحترم حياتنا وحقوقنا ولا حياة وحقوق الآخرين. كل واحد منا هو إما مشروع جانٍ أو مشروع ضحية. الوعي بالحياة والنظام لا يتوافر عند أحد منا مواطنا أو مسؤولا.