لا أتفق كثيرا مع من يطالب بعدم اللعب مع منتخب إسبانيا لمجرد الخوف من الخسارة الثقيلة، وللبون الشاسع بينه وبين المنتخب السعودي من خلال موقع كل منهما في التصنيف العالمي، لأنه لا يطابق الواقع دوما حقيقة المنتخبات في كثير من التصنيفات، فإسبانيا سيدة الكرة العالمية وبطلة أوروبا للمرة الثانية على التوالي، وحاملة كأس العالم، ستكون في مواجهة مباشرة في 7 سبتمبر المقبل مع المنتخب السعودي بطل آسيا سابقا، والمتعثر للمرة الثانية في الوصول إلى نهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014.
اللعب أمام الكبار لا يجب أن يخضع لتصنيفات ومراكز. اللعب أمام الكبار فرصة لأي فريق أو منتخب، عليه أن يستغلها على الوجه المطلوب، بأن يعطي اللقاء أهميته ويستعد له جيدا، ويختار العناصر بعناية، وألا يتوجس من مسألة الخسارة من عدمها.
في كرة القدم منطق الخسارة جزء لا يتجزأ من منظومتها وتركيبتها التي لن تتغير، ولا يمكن أن تلغى الخسارة من سجل من يمارس هذه الرياضة مهما كان، ومهما وصل من المستويات الفردية والجماعية من كمال في الأداء والمهارة والابتكار، كما هو الحال على مستوى الأندية مع برشلونة الإسباني في هذا العقد، وأيضا مع منتخب البرازيل في مونديال 1982 بإسبانيا، لم يمنع هذان النموذجان الوقوع في الخسارة ومن منافسين أقل بكثير في مستوياتهم وعطاء لاعبيهم من هذين النموذجين في عالم الكرة الحديثة.
إذن شعور التخوف من شريحة عريضة من الجمهور السعودي من أن منتخب إسبانيا وما يتمتع به من مستويات فريدة لا يضاهيها أحد في ملاعب الكرة العالمية، سيكون ذلك الفارق بينه وبين المنتخب السعودي (بالتصنيف الأحدث وقع بالرتبة الـ101 عالميا) سببا في حدوث خسارة كبيرة جدا، هو أمر مبالغ فيه أولا، وثانيا وإن حدثت كما يتوقعها الجمهور فهي ستكون طبيعية جدا ممن يحسن القراءة والفهم لعالم كرة القدم، فمن الخسارات وتجرع المرارات والنتائج الكبيرة تتعرف المنتخبات واللاعبون أنفسهم على حقيقة مستوياتهم على أرض الملعب الذي لا يكذب ولا يتجمل، ومن ثم يتوجب عليهم العمل بمثابرة وجد من أجل ردم هذه الفوارق في فترة زمنية قادمة، ومحاولة الاستفادة مما يقدمه هؤلاء المتميزون الإسبان في الملاعب.
مباراة 7 سبتمبر المقبل التي برمجها الاتحاد الملكي الإسباني في أجندته، هي بمثابة نجاح إداري يحسب للإدارة المؤقتة للاتحاد السعودي لكرة القدم برئاسة الخبير الكروي أحمد عيد، وللجهاز المشرف على المنتخب الأول وعلى رأسه محمد المسحل. فهي ستعيد الضوء بلا شك للمنتخب السعودي الأول الذي خبا وتوارى وهج لاعبيه منذ مونديال 2006 بألمانيا، فأصبحوا (لا يهشون ولا ينشون)، وفي ذات الوقت تحيي الأمل في نفوس اللاعبين بأن يواجهوا لاعبين كبارا يتمتعون بمستويات متميزة بعد أن تقلصت حظوظهم في التواجد في المونديال والأولمبياد للأسف.
وهي خطوة نتمنى صادقين أن تتبعها خطوات مثيلة، لأنه بمثل هذه القفزات والجرأة في وضع المنتخب السعودي بالمستويات الكبيرة، هناك تسريع عملي للتصحيح والمعالجة لما تعانيه الكرة السعودية من تراجع مخيف على المستوى الفردي للاعبين وكذا المحصلة الأدائية للأخضر.