مرض الرهاب أو الفوبيا، مرض نفسي، ويعني الخوف الشديد والمتواصل من مواقف أو أشخاص أو أماكن، هذا تعريف بسيط لهذا المرض.. وقد نشرت الصحف خبرا عن حادثة درامية محزنة جداً لشاب في الثلاثين من عمره كان في نزهة عائلية بمنطقة الباحة مع زوجته وطفليه، حيث فوجئ بسيارة الهيئة بالقرب منه، وتم استخدام مكبر الصوت من منسوبي الهيئة طالبين منه إحضار هويته، فركب الشاب السيارة هو وأسرته وفر هاربا وطاردته سيارة الهيئة إلى أن انتهت بمأسأة وفاته وإصابة زوجته وطفليه الذين يرقدون في العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بالباحة.
رغم أن ليس هناك مبرر لطلب إثبات شخصية من رجل مع أفراد عائلته، إلا أنه ليس هناك مبرر أيضا لهروب الشاب بطريقة غير طبيعية، أدت به إلى الوفاة، ونتج عن ذلك إصابة عائلته، لولا أن هناك هاجسا لدى البعض من التعامل مع أعضاء الهيئة، حتى أصبح الخوف منهم مرضا، وهذا يحتاج إلى وقفة ودراسة نفسية، فما السبب القوي الذي يدفع الشاب نحو الفرار إلى الموت؟
ربما يكون ذلك مرضا استشرى في مجتمعنا ونحن لا نعلم مدى انتشاره وتأثيره. يجب أن نعترف بأن هناك جيلا كاملا أصبح تعامله مع الهيئة مقلقا ومخيفا بالنسبة له، ومؤكد أن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤدون دورا مهما لأمن الوطن، لكن التراكمات التي مرت بالمجتمع باتت تهدد سلامته النفسية بدليل هذا الشاب الذي فضل الهروب المميت بدلا من أن يتفاهم معهم.
لعل هيئة الأمر بالمعروف تتبنى بنفسها عمل دراسة من قبل علماء النفس عن آثار أسلوب التعامل مع المواطن خلال سنوات طويلة من الخبرة في العمل الميداني، حتى تتجنب تكرار السلبيات ويستفيد من هذه الدراسة كل عضو مستجد، فهذه الحادثة تدق جرس الخطر، خاصة أن الخبر ورد به مطاردتهم للشاب وبرفقته عائلته، فلا يصح أن يتم النهي عن المنكر بمنكر أعظم.
إن انفتاح الهيئة على المجتمع بتقديم أنفسهم بأسلوب علمي يؤدي إلى تصحيح الصورة في ذهن المواطن، وبأن فرد الهيئة جاء ليساعد وليس ليتصيد، وإلى أن يحدث ذلك، فعلى من يعاني من المواطنين والمواطنات من هذا الخوف أن يتجه إلى طبيب نفسي عله يصف له علاجا لكون الأمر تخطى الحدود إلى طريق الموت، وسيستمر الحديث عن الهيئة في المجتمع والصحافة إلى أن تتقارب الأهداف وتصبح جهة وعظ بالحسنى.