قبل عشر سنوات قامت إحدى المجلات الخليجية المعروفة بعمل استفتاء لأفضل كاتب اجتماعي خليجي.. كان الناس حينها مغرمين بالاستفتاءات.. أفضل لاعب.. أفضل مطرب.. أفضل ممثل.. من هنا جاءت فكرة المجلة للبحث عن أفضل كاتب، فقامت بعمل الاستفتاء.. بعد ثلاثة أشهر فوجئت باتصال من تلك المجلة يخبرني بأنني الفائز بالاستفتاء.. وبعد أيام تصدرت صورتي غلاف المجلة الشهيرة، التي أحتفظ بها للذكرى، طبعاً مع إعلانها عن عزمها القيام بعمل حفل كبير لتكريمي بدرع وشهادة كأفضل كاتب خليجي! لا أخفيكم أنني أخجل اليوم من ذكر ذلك، حتى سيرتي الذاتية البسيطة تخلو من ذلك اللقب.. لعدة أسباب..
أولها: أنني أدرك أن ذلك الاستفتاء لم يكن يخضع لأيسر المعايير العلمية، وإنما تم على طريقة "خذني جيتك"!
ثانياً: ـ وهو الأهم ـ هناك من هو أفضل مني، وبالتالي أخجل من الاستعراض بذلك اللقب، الذي لو حصل عليه البعض لملؤوا الدنيا ضجيجا!
هل سألتموني: لماذا أتحدث عن ذلك بعد كل هذه السنوات؟!
سأخبركم.. قرأت أمس في الصحف أن موقعاً إلكترونياً أمريكيا اسمه" أبطال الإسلام" قام بترشيح كاتبة سعودية اسمها "ريم أسعد" كواحدة من الشخصيات المؤثرة في العالم!
أولاً: أعترف لكم ـ والله خير الشاهدين ـ أنني لأول مرة أسمع عن كاتبة سعودية اسمها "ريم أسعد"!
ثانياً: أعترف لكم أنني لأول مرة أسمع عن موقع إلكتروني اسمه "أبطال الإسلام"، يُعنى برصد المؤثرين في العالم!
بطبيعة الحال عدم معرفتي بهذه الأسماء قد يكون تقصيراً مني، وبالتالي لا ينتقص من أصحابها.. لكن كيف للصحف المحلية والمواقع الإلكترونية الرصينة أن تحتفل بهكذا أخبار ركيكة هشّة، تفتقر لأيسر أدوات الاستفتاء؟!
لسنا مجتمعاً ساذجاٍ، أو متخلفاً حتى تباع علينا مثل هذه الأخبار.. وبالتالي الاستفتاءات والاستطلاعات وقياس حجم التأثير، وغير ذلك، إن لم تكن معتمدة اعتماداً كلياً على لغة الأرقام الصريحة، المعلنة، والمثبتة.. فلا قيمة لها، ولا ينبغي نشرها، أو المساعدة في نشرها!