إلى ما قبل شهر من وفاته - رحمه الله - كان عبدالكريم الجهيمان صاحب الأساطير الشعبية على الرغم من بلوغه مائة عام على استقبال محبيه مساء كل اثنين، غير مكترث بظروفه الصحية وأعراض الشيخوخة التي أدت إلى ثقل حركته.
فقضى ما تبقى من حياته الطويلة متأملاً، بعيداً عن صخب الثقافة والمثقفين كما يقول أحد أبنائه الذي يؤكد أن الجهيمان توقف عن القراءة والكتابة حينما بلغ الخامسة والتسعين بعد أن ضعف بصره وأنهكت قواه فأصبح لا يقوى على مسك الكتاب؛ لكن ذاكرته كانت لا تزال حاضرة وإن أصابه شيء من النسيان أحيانا.
ويقول الكاتب محمد القشعمي صديقه المقرب الذي كان يحضر الاثنينية باستمرار إن الجهيمان الذي بلغ من العمر 106 أعوام لم يكن يتأخر عنه أبدأ مهما كانت ظروفه، وأولى الالتزامات في يوم الاثنين جلسة أبوسهيل التي يصفها بقوله : حينما تجلس إليه تستمتع بجلسته وإن كان قد ضعف نظره وسمعه ولا يشاركنا الحديث إلا إذا طلبنا منه برفع الصوت، وإذا استفسرنا عن موضوع أو قصيدة يجيب بما بقي لديه من الذاكرة . ويؤكد القشعمي أن الجهيمان صدم حينما أصدر وزير التربية والتعليم الأسبق محمد الرشيد عام 2003 قراراً بسحب كتاب الأساطير والأمثال الشعبية من المدارس.
يعتز القشعمي بعلاقته مع الجيهمان التي امتدت قرابة العقدين وكيف تطورت عبر السنوات ، أصدر خلالها كتاباً بعنوان "(رحلة العمر والفكر) قدم فيه توثيقا لحياة المفكر والأديب السعودي عبد الكريم الجهيمان ، كاشفاً عن حبه للسفر وللشعر وكراهيته للمتملقين والمنافقين والمدعين.
ويتذكر القشعمي كثيراً ذكريات مقابلته الأولى ، ذاكراً أنه التقاه لأول مرة 1403هـ بمنزل علامة الجزيرة حمد الجاسر القديم بحي الملز بالرياض عندما زاره مهئناً بفوزه بجائزة الدولة التقديرية، "ومن ذلك اليوم بدأت علاقتنا".
بينما يسترجع الكاتب عابد خزندار أياماً ترجع لأربعين عاماً حينما التقى الجهيمان، ويقول الخزندار : كان لطيفاً كريم المعشر ، وطنياً حد النخاع ، ويحمل إلى جانب ثقافته الموسوعية وثرائه المعرفي إحاطة واسعة وواعية بالموروث الشعبي والأساطير التي يتعامل معها بوعي المثقف المستنير.