في السابق حينما تسافر فإن أكثر ما تحرص عليه هو مكان الفندق ـ أو الشقة المفروشة ـ والنظافة والدرجة وجودة الخدمة والموقع والقرب من المنافع الحيوية والمراكز التجارية والمطاعم والأماكن السياحية وغير ذلك..اليوم تراجعت هذه الاشتراطات أمام شرط حيوي مهم آخر.. هو أول ما يسأل عنه النزيل ويحرص عليه، بل وأهم ما يؤثر في علاقته وارتباطه بالمكان، وهو توافر خدمة الإنترنت و"الواي فاي"!
أصبحت الإنترنت اليوم لكثير من الناس شيئا ذا قيمة أساسية، كالغذاء والماء دون مبالغة.. لا يمكن للإنسان أن يجلس في مكان لا تتوافر فيه خدمة الإنترنت مهما كانت المغريات ومهما كانت المحفزات، لأنه يدرك أن بقاءه في هذا المكان يعني دخوله في عزلة إجبارية عن العالم إلى حد كبير.. حتى النزهات البرية خلال السنوات الماضية أصبحت تتركز في الأماكن التي يصل إليها بث الشبكة!
لذلك ـ واستكمالا لحديثنا عن هيئة الاتصالات يوم أمس ـ يفترض أن توضع هذه التحولات في حياة الناس محل اهتمام الهيئة، وعلى رأس اهتمام الشركات المقدمة للخدمة.. قلت قبل هذه المرة إن شركات الاتصال في بلادنا ليست خاسرة حتى نرأف بحالها، أو نحمي مستقبلها.. القطاع يشهد نموا غير مسبوق.. هذه الشركات تتباهى بأرباحها من فئة المليار كل نتيجة فصلية. ويستطيع أي متصفح لموقع هيئة سوق المال اكتشاف ذلك ـ ولذلك يفترض أن تقوم الهيئة بإيجاد صيغة تفاهمية مع هذه الشركات لتقديم خدمة إنترنت توازي قدراتها وإمكاناتها وأرباحها الفلكية.. كما ينتظر منها التطوع لتقديمها في الأماكن المفتوحة مجاناً للناس.. فليس كل الناس قادرين على امتلاك الإنترنت.. الأمر بسيط للغاية.. كل ما يريدونه توافر خدمة الإنترنت في كل مكان، بجودة وسرعة عالية، وبأسعار مناسبة.. هل يطلب الناس المستحيل؟!