مقدم البرنامج يشابه ـ في بعض حالاته ـ القاضي بين المتخاصمين.. يستمع لهذا ويستمع لذاك.. يمنح هذا الوقت ليقول ما لديه، ويمنح ذاك الفرصة ليسرد ما عنده.. لا يميل مع ضيف تجاه ضيف.. ولا يفرد عضلاته على ضيف دون آخر.. لا يؤيد جهة تجاه جهة ولا ينتصر لرأي ضد آخر.. لا يقوم بتمرير آرائه ولا يفرض توجهاته أو توجهات القناة التي يعمل بها.. لا يصدر الأحكام ولا يروج لقناعاته، بل ـ وهذا ما أود الوصول إليه ـ يوزع (الوقت) بين ضيوف برنامجه بالتساوي، وفي الأخير يختم برنامجه بحياد شديد، دون أن يترك في ذهن المشاهد أي صورة سلبية، أو أثر قد يحسب ضده.
مشكلة كثير من البرامج أنها لا تمنح الضيف الفرصة الكاملة ليقول ما لديه، أو يوصل فكرته بشكل متكامل غير منقوص.. فتجد الضيف يتوسل المذيع كي يمنحه الوقت ليكمل حديثه.. وفي كثير من نشرات الأخبار ـ راقبوها الليلة ـ ستجدون أن المذيع ينهي الحوار مع الضيف بكل فظاظة، وتغيب اللقطة، والضيف ما يزال يتحدث!
الذي يجب أن يراعيه المذيعون خاصة في البرامج الحوارية هو عامل الزمن.. الوقت يجب أن يوضع في الحسبان.. لأنه مسألة مهمة للغاية لدى الضيف. من البرامج التي استرعت انتباهي في هذا الإطار برنامج (الأسبوع في ساعة) الذي يقدمه الأخ العزيز "إدريس الدريس" على شاشة روتانا خليجية.. الذي يميز هذا البرنامج ـ وقد شاركت فيه ـ هو دقة وصرامة الزميل الدريس في توزيع الوقت بين ضيوف برنامجه الأربعة.. يشعرك أنك في برلمان.. كل ضيف له دقيقتان للإجابة عن المحور المطروح.. إن لم تتمكن من طرح وجهة نظرك خلال دقيقتين فهذه مشكلتك وليست مشكلة إدريس الدريس!