استوقفني هذا المشهد كثيراً. وكيف جهود كبار السن وممن سبقونا بأجيال أصبحت مثاراً للتندر؟
لا أخفيكم أن تصوير الآباء والأمهات لصور عشوائية وتسجيلات الملاحظات الصوتية التي لا تستمر إلا لثانية واحدة. وأخطاؤهم- إن اعتبرناها أخطاء- بإرسال أحرف غير مفهومة في أوقات غير منتظمة وبلا مناسبة، وتصويرهم لشاشة الجوال الذي يملأ ألبوم الصور، كلها ملامح حياة تثير وجداني وابتسامتي، وكنوز استشعارها بحب.
نعيش اليوم طفرة تقنية على جميع الأصعدة، فأصبحت الحياة أكثر تعقيداً بالنسبة لجيل آبائنا وأمهاتنا، فهم تعودوا وعاشوا حياة أبسط من هذه بكثير. فبخلاف التأثير النفسي كون الجيل الحالي يعرف كل الأشياء التقنية، واستشعارهم بأن الحياة يوماً بعد يوم تتجاوزهم، يسعون إلى ملاحقتهم ومواكبة المتغيرات التقنية هذه، بدافع شخصي ولحاجة ملحة، فازداد وعي كبار السن بفوائد التكنولوجيا أثناء الجائحة العالمية «كورونا» (مثل الحاجة إلى البقاء على تواصل عبر التطبيقات). وكذلك الرغبة في الاستفادة من الخدمات الرقمية مثل شراء الأدوية عبر الإنترنت، دفع الفواتير، أو حجز المواعيد. فبلا شك تأقلم كبار السن مع التقنية اليوم مهم، يسهل التواصل مع العائلة والأصدقاء كي لا يعيشوا بعزلة عن المجتمع وفجوة الأجيال، كذلك مهم جداً تعاطيهم مع التقنية لإدارة الوقت والمواعيد استخدام التنبيهات والتقويمات.
مقالي هذا عبارة عن شكر وامتنان لهم ولمحاولاتهم المستمرة والحثيثة في التأقلم والتعلم رغم المتغيرات المختلفة النفسية والاجتماعية التي مروا وسيمرون بها، وتصميمهم أن يخوضوا تجربة تعلم التقنية. فأنتم قدوة ملهمة في العزيمة والرغبة المستمرة في التعلم رغم كل التحديات. أنتم منارة للصبر والإصرار كل خطوة تخطونها في هذا المجال، تُظهر لنا أن الإبداع لا عمر له، وأن حب التعلم هو مفتاح التفوق مهما كانت الظروف. فمواجهتكم للتحدي بدلاً من الخوف منه يعكس قلوبًا متفتحة وإرادة صلبة. أنتم تثبتون يومًا بعد يوم أن التغيير ممكن للجميع. دخولكم إلى عالم التقنية لا يخدمكم فقط، بل يلهم الأجيال الشابة بأنه لا عذر يمكنه إيقاف الرغبة في المعرفة.