إننا نحتاج إلى ذكاء من نوع آخر يتجاوز الذكاء الاجتماعي، الذي يحسن القدرة على التعامل مع المحيط الذي نعيش فيه، ليمتد إلى أبعد من ذلك، خصوصا ونحن نقول أهلا بالعالم في كأس العالم 2034، وقبل ذلك نفتح قلوبنا لهم في كأس آسيا 2027 مرورا بإكسبو الرياض 2030، فمملكتنا الغالية مقبلة على أحداث عالمية تتواكب مع رؤيتها في أن تكون نقطة التقاء للعالم أجمع.
كل ذلك يجعلنا بحاجة إلى تطوير مهارات تتجاوز الذكاء العاطفي والاجتماعي إلى ذكاء الثقافة، مع العلم بأننا نمارسه في هذا الكيان الشامخ الذي أسسه المغفور له الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، فضم رحمه الله جميع الثقافات المختلفة، نجدية وأخرى حجازية وجنوبية وحساوية وشمالية، وكذلك حاضرة وبادية، كلها استطاعت أن تسهم في رفعة الوطن، مع الحفاظ على كل ثقافة بجمالها وأصالتها، فأصبحنا نعشق الحنيني والكليجة والسليق الطائفي والرز الحساوي، ونستمتع بالدحة الشمالية والخطوة الجنوبية والعرضة النجدية. كذلك لدينا تجربة عظيمة في التعامل مع الثقافات المختلفة في مواسم الحج، وقدرتنا على استضافتهم، ولكن هذه التجربة قد تطغى عليها الثقافة الإسلامية الجامعة لكل من يأتي لأداء المناسك، ولكن نعود للسؤال السابق: هل هذا يكفي!؟
نعلم جميعا أن التعارف بين الأفراد والمجتمعات هو أصل من أصول الوجود الإنساني، إذ يقول تعالى {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}، وحقيقة الأمر أننا نحتاج إلى تنمية ونمذجة مهارات الذكاء الثقافي بزيادة الوعي بالآخر من خلال مناهجنا التعليمية، وتقديم دورات تدريبية على مهارات الذكاء الثقافي لكل العاملين في نقاط الاستقبال، وتقديم الخدمات بجميع أشكالها، وزيادة الوعي المجتمعي بالقدرة على فهم الاختلاف والتعايش والتكيف معه، واستيعاب العادات والسلوكيات الأخرى، والتطلعات الخاصة بالثقافات المختلفة، والأهم من ذلك قدرتنا على إيضاح ثقافتنا، والتركيز على نقاط الاتفاق، لتكون هي أساس الانطلاق نحو التأثير في الآخرين وكسب ثقتهم.