لكن هذا يحدث، بل وأكثر في عالم الساعات الفاخرة، المرصعة بالأحجار الكريمة، والألماس؛ حيث يمكن للمرء أن يجد ما يذهله.
ليس هذا فحسب بل إن أمر استخدامها تجاوز حدود المشاهير، وأصحاب السلطة، وانتقلت ثقافة رفاهية الساعات الفاخرة إلى عموم المجتمع، خصوصًا النساء، بين من يرى فيها نوعًا من الدلال المرفه كونها جزءًا أساسيًا من إطلالة المشاهير وعشاق الموضة، حيث يتم استخدامها كوسيلة للتعبير عن الهوية الشخصية، ومن يجد فيها نوعًا من أنواع الاستثمار الذكي طويل الأمد، خاصة لنوع الساعات التي تحمل تاريخًا في علامتها التجارية.
وبلغت قيمة سوق الساعات الفاخرة العالمية 42.21 مليار دولار أمريكي في عام 2022، فيما تجاوز حجم السوق السعودي 800 مليون ريال خلال النصف الأول من العام الجاري، بارتفاع 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتظل السعودية دائمًا لاعبًا رئيسًا في قطاع الساعات.
ويأتي ذلك تماشيًا مع النهضة التي تشهدها المملكة في مختلف القطاعات، حيث تبقى المملكة السوق الأهم والأكبر في الشرق الأوسط فيما يتعلق بقطاع الساعات، وتحديدًا الساعات السويسرية.
ساعة مرصعة بالألماس
تصل قيمة ساعة باتيك فيليب نوتيلس كرونوجراف 010 جي 1400/ 5980 إلى نحو ـ وحسب سعر السوق التقريبي ـ 2 مليون و300 ألف ريال سعودي، ما يعادل 612 ألف دولار.
وتميزت تلك الساعة بكونها مرصعة بالألماس بواقع 182 قطعة ألماس باغيت، و893 قطعة ألماس بريانت.
هذا المبلغ، أعاد إلى المشهد الاقتصادي مدى العائد من الاستثمار في الساعات الفاخرة، والتحول الملحوظ في سلوكيات المستهلكين، حيث أصبحت هذه القطع رمزًا للرفاهية والاستثمار الذكي.
توقعات بالنمو
مع تزايد اهتمام النساء بالساعات الفاخرة، يتوقع المتخصصون أن هذه الصناعة ستستمر في النمو والتطور، لتكون جزءًا مهمًا من ثقافة الرفاهية الحديثة، مع الالتفات إلى أن ارتباط الساعات الفاخرة بالشخصيات البارزة والمشاهير الكبار عزز من قيمتها وجعلها خيارًا جذابًا للمستثمرين والمستهلكين على حد سواء.
يتوقع راشد محمد العلي العبد اللطيف، مالك في شركة الغزالي للتجارة، ومالك مجموعة راشد محمد العبد اللطيف للتجارة، أن تنمو سوق الساعات الفاخرة العالمية بمعدل نمو سنوي بنسبة 5.0% من عام 2023 إلى عام 2030 بدعم من الاستخدام والطلب المتزايد على الساعات الفاخرة كعلامة على المكانة.
وقال «بلغت قيمة سوق الساعات الفاخرة العالمية 42.21 مليار دولار أمريكي في عام 2022، فيما تجاوز حجم السوق السعودي 800 مليون ريال خلال النصف الأول من العام الجاري، بارتفاع 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتظل المملكة العربية السعودية دائمًا لاعبًا رئيسًا في قطاع الساعات. ويأتي ذلك تماشيًا مع النهضة التي تشهدها المملكة في مختلف القطاعات، وستظل المملكة السوق الأهم والأكبر في الشرق الأوسط فيما يتعلق بقطاع الساعات، وتحديدًا الساعات السويسرية».
تهديد الساعات الذكية
عن أثر الساعات الذكية ومكانتها في السوق أمام الساعات الفاخرة أوضح العبد اللطيف «عندما تم إطلاق الساعة الذكية عام 2015، كان يُنظر إليها على أنها تهديد وجودي لصناعة لا يمكنها التنافس مع مجموعة ميزات الصحة والعافية التي يمكن أن تقدمها الساعات الذكية، والآن لم تعد تشكل تهديدًا كبيرًا لصناعة الساعات، لأن قطاع الساعات السويسرية أعاد التركيز بشكل كبير على المنتجات الراقية على مدى العقد الماضي.
بشكل عام، من الآن فصاعدًا، نعتقد أن التأثير السلبي المتزايد للساعات الذكية على صناعة الساعات السويسرية سيكون الآن غير مادي نسبيًا».
تحديات جديدة
في ذات السياق، قال خالد المنيع، مستثمر في الساعات الفاخرة «تواجه العلامات التجارية الكبرى مثل «رولكس» و«پاتيك فيليب» و«كارتييه» تحديات جديدة نتيجة للتحول الرقمي، ومع ذلك، تمكنت هذه العلامات من الحفاظ على مكانتها من خلال:
1- التركيز على الحرفية:
وذلك بسبب التزام هذه العلامات بتقديم ساعات مصنوعة يدويًا باستخدام تقنيات تقليدية، مما يميزها عن العلامات التجارية الرقمية مثل «أبل».
على سبيل المثال، تستغرق بعض الساعات من «پاتيك فيليب» سنوات من العمل اليدوي حتى تكتمل.
2- التسويق الذكي:
حيث استخدمت العلامات التجارية الكبرى إستراتيجيات تسويقية مبتكرة تركز على التراث والقيمة التاريخية للساعات، مما يعزز من مكانتها في قلوب عشاق الساعات.
على سبيل المثال، أطلقت «رولكس» حملات تسويقية تبرز قصص نجاح الرياضيين والفنانين الذين يرتدون ساعاتها.
3- التفاعل مع العملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البيع الإلكترونية:
إذ تمكنت هذه العلامات من التواصل بشكل مباشر مع عملائها وتعزيز ولائهم، وهذا التفاعل يساعد في بناء مجتمع حول العلامة التجارية.
4- التحول الرقمي بذكاء، إذ قامت بعض العلامات بإطلاق ساعات ذكية تحمل لمسات فاخرة، مما يجمع بين التكنولوجيا والرفاهية، ومثال على ذلك هو إطلاق «رولكس» لنموذج جديد يجمع بين التصميم الكلاسيكي والتكنولوجيا الحديثة».
الذكاء في الاستثمار
في جانب آخر شدد العبد اللطيف، على إجراء بحث ومعرفة بسوق الساعات الفاخرة قبل الاستثمار في الساعات.
وأبان «إذا كنا نتحدث عن الساعات كاستثمار مالي، فهذا يعني أن نتحدث عن فئة معينة فقط من الساعات، هي الساعات السويسرية الفاخرة، حيث يمكن النظر إلى تلك الساعات الفاخرة كبديل للاستثمارات التقليدية مثل الأسهم أو غيرها، حيث يمكن لبعض الساعات الفاخرة الراقية، وخاصة القطع العتيقة أو ذات الإصدار المحدود، أن تزيد قيمتها بشكل كبير بمرور الوقت، وتصبح مطلوبة بشدة من قبل هواة جمع الساعات».
هواة الساعات
عن الأكثر إقبالًا على مبيعات الساعات المستعملة من الجنسين، قال العبد اللطيف «لعدة عقود كان الرجال يهيمنون على صناعة الساعات الراقية، وكان معظم مشتري الساعات الراقية من الرجال. إلا أن هذا الأمر بدأ يتغير تدريجيًا، حيث أصبحت المرأة تلعب أدوارًا أكبر في عالم الساعات بشكل عام، أما فيما يتعلق بالساعات المستعملة فيظل الرجل هو اللاعب الأكبر في المعادلة، فيما يشكل الشباب غالبية عشاق الساعات الفاخرة اليوم».
واستدرك «هذا هو الحال ليس فقط في المملكة، بل ربما في العالم، وهذا هو الحال بالنسبة لمعظم مستهلكي العلامات التجارية الفاخرة».
وأشار إلى أن «مجرد الغوص السريع في قوقل سيُظهر أن جيل الألفية هم إلى حد كبير القوة الدافعة لسوق الساعات الفاخرة اليوم».
اهتمام النواعم
يعود المنيع ليتحدث عن الإقبال النسائي على الساعات، ويقول «في السنوات الأخيرة، لوحظ أن النساء يقتنين الساعات الفاخرة بشكل متزايد معلقًا أن هذا التوجه يمكن تفسيره بعدة عوامل:
1- الرغبة في الاستثمار:
كثير من النساء يعتبرن الساعات الفاخرة استثمارًا طويل الأمد، حيث تزداد قيمتها مع مرور الوقت.
وفقًا لبعض الدراسات، يُتوقع أن يستمر الطلب على الساعات الفاخرة في النمو بنسبة تصل من 5% إلى 8% سنويًا.
2- الشعور بالملاءمة الاجتماعية:
قد تشعر النساء أن اقتناء ساعة فاخرة يعكس مكانتهن الاجتماعية ويعزز من صورتهن العامة.
العديد من النساء يعتبرن الساعة الفاخرة جزءًا من هويتهن الشخصية.
3- الاستقلالية المالية:
مع زيادة دخل النساء وتوجههن نحو الاستقلال المالي، أصبح بإمكانهن الاستثمار في الساعات الفاخرة دون قيود.
تظهر الإحصائيات أن نسبة النساء اللاتي يمتلكن ساعات فاخرة قد ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي».
برستيج اجتماعي
عن التهافت على اقتناء الساعات كرمز للبرستيج الاجتماعي، قال المنيع «يعد اقتناء الساعات الفاخرة بين النساء جزءًا من البرستيج الاجتماعي باعتبار أنه رمز للنجاح إذ يمكن أن تُعتبر الساعة الفاخرة رمزًا للنجاح والرفاهية، مما يجعلها ضرورية للنساء اللاتي يرغبن في الانتماء إلى الطبقة المخملية، وعدد من النساء يربطن اقتناء ساعة فاخرة بالنجاح المهني والشخصي، وكذا الانتماء إلى المجتمع الراقي حيث تسهم الساعات الفاخرة في تعزيز شعور الانتماء إلى مجتمع النخبة، مما يعكس مكانة المرأة الاجتماعية، وعليه نجد أن بعض النساء يعتبرن اقتناء ساعة فاخرة بمثابة استثمار اجتماعي».
سوق الساعات
يتحدث اللطيف عن سوق الساعات، ويؤكد أن «السوق يتسع للجميع، فالصين هي أكبر منتج للساعات في العالم، لكن يبقى للساعات السويسرية رونقها».
ولفت إلى أنه «من وجهة نظري، لا يوجد تهديد مباشر من الصين لمجال الساعات السويسرية الفاخرة. ولا يمكن إنكار أن الصين تعمل على تحسين صناعة الساعات، لكن ذلك سيستغرق بعض الوقت، ومع تحسين جودة التصنيع الصيني، ربما تكون هناك تغييرات في المستقبل».
وتابع «تأثير جائحة كورونا لم يكن على سوق الساعات فقط، وإنما شمل سوق كل السلع الفاخرة الذي شهد تراجعًا كبيرًا في أعقاب الجائحة، إلا أن سوق السلع الفاخرة لا يزال في طور التعافي بداية من عام 2021 بجميع قطاعاتها بما في ذلك الساعات، وشهدت معظم الأسواق زيادة، مع العودة الملحوظة للصين وهونج كونج».
سمات استثمارية
يلتقط المنيع دفة الحديث، ويركز على أن الساعات الفاخرة تتميز بعدة سمات تجعلها محط اهتمام المستثمرين:
1- الحرفية العالية:
تتميز الساعات الفاخرة بجودة الصنع والتفاصيل الدقيقة مثل ساعات «أوديمار بيغيه» المعروفة بتعقيداتها الفنية.
2- التاريخ والتراث:
تحظى عدد من العلامات التجارية بتاريخ طويل وحافل، مما يزيد من جاذبيتها، من ذلك ساعات «رولكس» التي تأسست عام 1905 ولديها تاريخ عريق في صناعة الساعات.
3- الندرة:
تُعد بعض الساعات نادرة أو محدودة الإصدار، مما يعزز من قيمتها السوقية، على سبيل المثال ساعة «رولكس دايتونا» التي كانت تصدر بنسخ محدودة أصبحت واحدة من أكثر الساعات طلبًا في السوق.
4- التصميم الفريد:
تتمتع الساعات الفاخرة بتصاميم مبتكرة تعكس الذوق الرفيع. وتُعد تصاميم «بريتلينغ» مثالًا على الابتكار والجودة.
شخصيات مهمة
من جانب آخر، وتقديرًا لقيمة الساعات الفاخرة، فقد ارتداها عدد من الملوك والأمراء والشيوخ؛ ومنهم ملك المغرب محمد الخامس، والملك عبدالله الثاني (ملك الأردن) الذي يعرف عنه حبه للساعات الفاخرة، حيث يقتني مجموعة من ساعات «رولكس»، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي) الذي يرتدي عادة ساعات فاخرة مثل «أوديمار بيغيه» و«رولكس»، والأمير الوليد بن طلال الذي يمتلك مجموعة من الساعات النادرة مثل «بريتلينغ».
وعرفت بعض الماركات بأن بعض الملوك والشخصيات البارزة ونجوم السينما مثل توم كروز وغيره اقتنوها، مثل:
ـ ماركة ريشتارد ميل: التي ارتداها عدد من الرياضيين الشهيرين، ومنهم نجم التنس روجر فيدرر.
ـ ماركة IWC: التي كانت مفضلة لدى شخصيات ملكية مثل الملكة إليزابيث الثانية.
ـ ماركة رولكس التي ارتداها عدد من المشاهير مثل بول نيومان، وأصبح نموذجًا لساعات رولكس.
158.28 مليار ريال حجم السوق العالمية للساعات الفاخرة في 2022
800 مليون ريال حجم السوق السعودي خلال النصف الأول من العام الجاري
%10 ارتفاع السوق السعودية للساعات الفاخرة مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي
- كيف حافظت الساعات التقليدية على مكانتها
1- التركيز على الحرفية
2- التسويق الذكي
3- التفاعل مع العملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البيع الإلكترونية
4- التحول الرقمي بذكاء.
عوامل تعزز الاستثمار في الساعات الفاخرة
1- الحرفية العالية
2- التاريخ والتراث
3- الندرة
4- التصميم الفريد.