نهانا خطيب جمعةٍ في إحدى المدن أمس، عن إحياء ليلة النصف من شعبان، وأورد الأدلة والنصوص ليثبت أنها لم تصح عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبذل الخطيبُ جهداً كبيراً وأطال وأسهب في الحديث ليحث المصلين على تجنب إحياء تلك الليلة، رغم أن الجمعة أمس كانت تصادف 16 من شعبان، أي إن الخطيب - هداه الله- ينهانا عن شيءٍ من الماضي..!وعملاً بـ "التمس لأخيك المسلم 70 عذراً" وإحساناً للظن في "الخطيب" سنقول ربما لم يعلم الخطيب بالتاريخ، وربما كانت الخطبة قديمة ولم تسنح له فرصة للخطابة بسبب أسفاره إلا أمس، وربما أنه يحثنا على عدم إحياء ليلة النصف من شعبان للعام المقبل، وربما أنه لا يعلم تاريخ ليلة النصف من شعبان، وربما وربما وربما... لكن الشيء الأكيد أنه لم يحيِ أحدٌ في تلك المدينة ليلة النصف من شعبان، ولم يعلم كثير من المصلين في ذاك المسجد عن فكرة إحيائها قبل حديث الخطيب..!
جمع الخطيب على المصلين طول الخطبة مع الحديث عن موضوع يجهله الغالبية ويدرك البقية أن وقته زال ولا فائدة من النهي عنه الآن..! وبغض النظر عن موضوع إحياء ليلة النصف من شعبان أو غيره من المواضيع مع ما فيه من خلاف؛ إلا أنه ليس من المنطقي أن تهدر وقت المصلين في الحديث عن شيء مضى، بدلاً من الحديث في شؤون حياتهم ديناً ودنيا..!
لا يدرك بعض الخطباء أن "المنبر" ليس له وحده بل للمصلين، ولا يعي هذا البعض ماذا يريد المصلون؟ وماذا يجهلون؟ وما الذي ينفعهم؟ وما هي أخطاؤهم ليصححها لهم؟ وما هي إيجابياتهم ليحثهم على الزيادة في الخير؟
لِم لا يسمع خطيب كل حي من أهل حيه؛ ليعايش واقعهم ويدرك أهمية المواضيع بالنسبة لهم، فيكون معيناً لهم في دينهم ودنياهم، و"الحياة دينٌ ودنيا".